
خيبة الأمل…
عِلَّةُ العِلَل
ما سببها؟
أنك تحيا حياتك ترعى نبتة الأمل
ونهرُ الكون يسري وِفقَ الطبيعة والفطرة يجري
أمطاره ليست مُلزَمة بأن تروي لك نبتة الأمل
تجِفُّ وتذبُل النبتة فيموت الأمل
تليه خيبة الأمل…
في هذه اللحظة أيّاً ما كنتَ تعمل… تَذَكَّر نفَسَك
تذكَّر … تذَكَّر نَفَسَك فتَذكُر أنك حَي الآن وهنا. نفَسَك لن تأخُذه البارحة وبالتأكيد لن تستنشِقهُ غداً
أين الأمل؟ رحَل
الأمل غداً ولا يكون الآن أبداً

الآن مساحة خارج الزمان لا تحوي الأمل ولا اللاأمل
لا شيء سوى رؤيا ناصِعة لا تُلَبِّد سماها غيوم ماضٍ أومُستقبل
الأمل… أمنية وداع ألم وانكسار الماضي وتوَقُّع الحَلّ آتٍ مُلَوِّحاً بيده من المستقبل
ترى جرح الماضي يبقى دامِياً فلا يشفيه التمَني
أملُك غطّاه بدَل تَعرِيَته تحت نور الشمس، وطواه في الذاكرة
ذاكرة لاوعيك هي … جرحك هناك يحيا، يَشتَدّ نَزفه وتعلو آهات ألمه وما أنت بسامِع
صوت آمالك يقرع على أجراس عقلك الواعي، فكيف تسمع
جرحٌ فوق جرح على مدار حيوات
معجزة أنك لا تزال تملك الجرأة لتقول أنك حَيّ اليوم على قيد الحياة
الحياة هنا وأنت مُمَزّق بين هناك وهناك

هناك المستقبل… يهيم عقلك الواعي على مسارحها الواهِمة… يسرح ويتوقّع ويأمَل… كطيْرٍ عن سرب الطيور تَخَلَّف ووُجهَته حَوَّل
هناك الماضي… ولكنك لا تعلم بأن عقلك اللاواعي على مسارحها الغابِرة يتعذب… يُعيد عَيْش كل تجربة ماضية بانكسارها، بجَرحها وبخيبة أملها هي الأخرى… يُخبِرُك دون أن تعلم بأن تحكُم على الأمور الآنية من واقع كل تجربة ماضية. يَجعلك تُعيد الكَرّة الماضية في كل موقف جديد تماماً كما هي… تُفسِد عليك مستقبلك الواهِم الذي ابتَدَعتُه داخل وعي عقلك… لماذا؟ لأنك لم تتغير
أنت لم تتغيّر، وتظُنّ الكون لأجلك سوف يُبَدِّل أقداره السرمدية الأثيرية ويتغيّر؟
كنوتة عن إخوَتها النوتات تَأخَّرَت، وباتت نشازاً بَيِّناً وسط معزوفةٍ سامية

هكذا أنت … وها هي حكايتك مع الكون
أنت لستَ سوى ذاكرة كونية تملأها تجارب الماضي
أنت لستَ حيّاً الآن قَدْر ما لوجودك العتيق مِن ماضي سحيق
ماضيك العتيق من خلالك يتصرف
ماضيك السحيق من خلال تصرفاتك يتكلم ويحكُم ويَفهَم ويؤمن ويتواصل مع غيره
لذا قالوا التاريخ يُعيد نفسه
ليس لأن التاريخ لا يتغيّر … الإنسان إلى الآن لم يتغيّر
يحيا الأمل
أمل التغيير… لماذا؟ لأنه من اتخاذ خطوة جريئة خائف
التأمُّل؟ جنون وتحوُّل كامل للتجربة والمفاهيم وأسلوب الحياة
الصِّدق؟ سأخسر الكثير من الأصدقاء
الجرأة؟ ماذا ستقول عني الناس؟
القيام بما تُحِب؟ قد أقوم بأشياء لا تحترمها ولا تُقَدِّرها الناس فلا يكون لي مكانة مرموقة وحياة مضمونة في المجتمع
هو الأمل في التغيير فقط…
لن يأتي…

العمر يمضي والأمل لا يأتي
وإلى متى ستظَل كما أنت؟
الأمل يظهر حينما تكون التجربة الحية في غياب
الأمل يرحل حينما تصبح لحظتك موقفك وتصرُّفك … إستجابة من وعيك هي … لم تفكِّر بها … لم تخَطِّط لها، وإنما قادك وعيك لها … هذه هي الصحوة
الأمل غفوة وردّة فعل على ما يحدث معك وما تمُرّ به، مصدرها إجابات مُسبقة ومعلومات جاهزة ومعتقدات مُعَدة سلَفاً وتجارب عانيْت منها سابقاً
الأمل يمنحك وَهم التغيير دون أن يُغَيِّرك
أنت تأمل بأن يكون المستقبل أفضل
لكنك لم تتغير، وغيرك مثلك لم يتغير… أيّ مستقبل سيكون أفضل ومن تلقاء نفسه يتغير؟
أنت مَن سيتغير … لاشيء يتغير سوى أنت
كُفَّ عن إلقاء المسؤولية على أكتاف المستقبل والقدر والزمن
إرمِ الأمل، عِلّة العِلَل… تلقائياً تختفي خيبة الأمل. خيبة الأمل ليست من الزمان قسوةً وجحوداً، بل من رؤيتك لانكساراتك ووقوفك جامداً في مكانك تُعيد تكرار نفسها أيام حياتك، ألماً ويأساً ومَلَل
عِش الآن
فالآن مساحة خارج الزمان لا تحوي الأمل ولا اللاأمل
لا شيء سوى رؤيا ناصِعة لا تُلَبِّد سماها غيوم ماضٍ ومُستقبل
من قلب بشار عبدالله
