هذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول
إن الرجل ليصلي ستين سنة ولا تقبل منه صلاة ,
فقيل له : كيف ذلك؟
فقال: لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا قيامها ولا خشوعها
:
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه
إن الرجل ليشيب في الاسلام ولم يكمل لله ركعة واحدة
قيل : كيف يا أمير المؤمنين قال : لا يتم ركوعها ولا سجودها
ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
يأتي على الناس زمان يصلون وهم لا يصلون ,
وإني لأتخوف أن يكون الزمان هو هذا الزمان !!!!!!!
فماذا لو أتيت إلينا يا إمام لتنظر أحوالنا ؟؟؟
ويقول الإمام الغزالي رحمه الله :
إن الرجل ليسجد السجدة يظن أنه تقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى ,
ووالله لو وزع ذنب هذه السجدة على أهل بلدته لهلكوا ،
سئل كيف ذلك ؟؟؟ فقال : يسجد برأسه بين يدي مولاه ,
وهو منشغل باللهو والمعاصي والشهوات وحب الدنيا ...
فأي سجدة هذه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
النبي يقول : (( وجعلت قرة عيني في الصلاة))
فبالله عليك هل صليت مرة ركعتين فكانتا قرة عينك؟؟؟؟
وهل اشتقت مرة أن تعود سريعا إلى البيت كي تصلي ركعتين لله؟؟؟
هل اشتقت إلى الليل كي تخلو فيه مع الله؟؟؟؟؟؟
يقول سبحانه وتعالى :
(( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ))
يقول ابن مسعود رضي الله عنه : لم يكن بين إسلامنا وبين نزول هذه الآية إلا أربع سنوات ,,
فعاتبنا الله تعالى فبكينا لقلة خشوعنا لمعاتبة الله لنا ....
فكنا نخرج ونعاتب بعضنا بعضا نقول:
ألم تسمع قول الله تعالى :
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ......
فيسقط الرجل منا يبكي على عتاب الله لنا
فهل شعرت أنت يا أخي أن الله تعالى يعاتبك بهذه الآية ؟؟؟؟
لا تنظر إلى صغر المعصية .. ولكن انظر لعظمة من عصيت
ممكن ترسلها لكل المضافين عندك ؟؟؟ وإذا راح تتعبك فاعلم أن ذنوبك هي من سوف يمنعك[
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا الله
لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم
ياتى على الناس زمن يصلون و هم لا يصلون
ياتى على الناس زمن يصلون و هم لا يصلون
تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
-
- عضو متميز فعال
- مشاركات: 5140
- اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
- البرج: الجوزاء
- الجنس: انثى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.. إن هذه الآيات من سورة الحشر، يُقال بأنها من أبلغ الآيات المُشيرة إلى مسألة مراقبة النفس.. وينبغي أن نخرج بدرس عملي، وقرار صارم من هذه الآية، في كيفية التعامل مع النفس.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}.. إن القرآن الكريم مليء بالأمر بالتقوى، وليست التقوى إلا الكفَّ عما لا يُرضي الله عز وجل: عملاً بالواجب، وإنتهاءً عن المحرم.
{وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.. يا لها من روعة!.. إن الأمر بالتقوى خطاب للمسلمين وللمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللَّهَ}.. ولكن عندما يصل الأمر إلى المحاسبة، فإننا نلاحظ تغيير في لحن الآية: {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.. ففي صدر الآية هناك خطاب وهو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ}، ولكن {وَلْتَنظُرْ}.. فإنه كلام مع الغائب، وليس هناك مواجهة في الخطاب.. يقول البعض -ونعم ما يقول!..- بأن هذه الآية لاتخلوا من عتاب، ومن تقريع مبطن.. وكأن الله عزّ وجل يُريد أن يقول: أُخاطب مَن؟!.. فالأمر بالتقوى يمكن أن أخاطب به المؤمنين، لكن مراقبة النفس أمرٌ صعب، فهو أمرٌ لا يلتفت إليه الخلق.. {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ} فيه تنكير، وكأن هذه النفوس التي تنظر إلى ما قدمت لغد، نفوس في غاية القلة وفي غاية الندرة.. وبالتالي، فكأن الله عز وجل لا يجد من يخاطبهم في الأمر بمحاسبة النفس.. ويا له من تقريع، ومن تعظيم لأمر محاسبة النفس!.. ولهذا فإن الله عز وجل، يبدو من خلال هذه الآية، أنه يشير إشارة خفية إلى أن الممتثلين لهذا الأمر الإلهي قليلون جدا.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}.. مرة أخرى الأمر بالتقوى.. وكأن لب التقوى وثمرتها، هي عبارة عن محاسبة ومراقبة النفس.. فمن دون الاهتمام البليغ بمحاسبة النفس ومراقبتها، كأن هذه التقوى لا تتم.. فكيف للإنسان أن يتقي غضب الله عز وجل وهو لا ينظر إليه، ولا يهتم بمراقبته لعبده؟.. فيعصيه العبد، وقد جعله أهون الناظرين إليه.. وعليه، فصحيح أن التقوى هي تكليف الجميع، ولكن هذه التقوى لا تتكامل ولا تعطي ثمارها المرجوة، يقول الكاظم (ع) كما في الرواية: (ليس منا مَن لم يحاسب نفسه في كلّ يوم).. والتعبير فيه شعار لطرد عن دائرة المعصوم، ومَن مع المعصوم من من الأولياء والمؤمنين.
ثم تقول الآية: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، إن نسيان الله عز وجل قد يجتمع مع الطاعة.. يقال: بأن نسيان الشيء، هو عبارة عن ذهاب صورة الشيء من الذهن.. أي إذا غابت صورة الشيء عن بالك، فإن ذلك الشيء منسي، وأنت ناسي لذلك الأمر.. ولهذا فإن الإنسان قد يعمل في شركة لسنوات طويلة، أو في دائرة، وغير ذلك، ويؤدي واجبه اليومي.. وينسى صاحب العمل وينسى الوزير والأمير.. فهو يعمل بشكل تلقائي، ولكن لا يذكر الآمر.. وهكذا فإن البعض قد يطيع رب العالمين، ويتعود على الصلاة.. فبعض الروايات تقول –ما مضمونه-: (لو ترك الصلاة لاستوحش من ذلك).. فهو وجود تلقائي يعبد الله عزّ وجلّ، ولكنه لا يعيش حالة الذكر الدائم ولا المتقطع.. فإذن، إن نسيان الله عز وجل يكون تارة بعدم الاعتراف به والتحدي؛ وهو الكفر.. وتارة يكون في مقام العمل، ومن منا يذكر هذه الصورة العُظمى في الوجود؟.. هذا الوجود الحقيقي الذي لا يساويه وجود!.. فكل وجود رشحة من رشحات فيضه!.. مَن منا يذكر الله عز وجل؟..
والقرآن الكريم يهدد ويقول: لا بأس لا تذكروني، أنا أيضاً لا أذكركم.. وأمحوكم عن ديواني، {فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ}.. أي أنت لا وزن لك عندي، ولا وجود.. إن الله عزّ وجلّ يُعامل بني آدم على أنه شيء في الوجود، لا على أنه عبدٌ له صلة بالله عز وجل.. فينظر إليه على أنه قطعة من الأرض، كالجبل الأشم الذي لا عقل له.. وهكذا يتحول الإنسان إلى موجودٍ، لا شعور ولا روح له في الوجود.. وإذا نسي الله عبدا أنساه نفسه.. أي أن نسيان الله عزّ وجلّ، سوف يدعوه إلى نسيان نفسه بترك المراقبة.. فالإنسان الذي لا يراقب نفسه، قد نسي نفسه..
ولهذا فإن الإنسان المصلي الذي يصلي بقلب غافل، فهو إنسان نسي نفسه.. ويوم القيامة قد يصبح هناك جدال، وهذا الجدال قد يكون بين النفس والجوارح.. فكما أن الجوارح يوم القيامة تتحدى بني آدم، وتشهد عليه.. {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}.. فيُحتمل وجود جدال آخر ومنازعة أخرى، تقول الجوارح: يا نفس!.. أنا كجوارح، وأنا كلحم وعظم ودم، ركعت وسجدت لله عزّ وجلّ.. وأنتِ يا نفسي مابالكِ كُنتِ من الغافلين!.. فأنا كلحم وعظم لا شعور له ولا عقل له، خضعت بين يدي الله، وكنت ساهياً تذهب يمينا وشمالاً.. وقد تفكر بالحرام وأنت قائماً بالصلاة.. ما هذا الغبن الفاحش!.. فكما أن الجلود تشهد على الإنسان يوم القيامة، فمن الممكن أن تقوم بهذا العتاب البليغ أيضاً.
{أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.. إن هذه الآية لا تقول: أولئك هم الخاسرون. فالذي نسي الله عز وجل نحن في عرفنا أنه إنسان غافل، فقد نسي الله عزّ وجلّ كباقي أهل الأرض.. ولكن القرآن الكريم يقول: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.. فنسيان الله عز وجل: إما هو فسقٌ خفي، أو مقدمة لفسق جليّ.
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. إن هذه الآية فيها أيضا عتابات مبطنة.. إنها تقول: يا بني آدم!.. لقد أنزلنا عليك القرآن، وكلفناك بالقرآن الكريم، وأمرناك بتلاوته، وجعلناك أهلاً لتحمل معانيه.. فالوجود البشري بعقله وبقلبه، يستوعب القرآن إجمالاً، أنزلنا عليك القرآن.. فقد أنزله على النبي كمتلقٍ وكمرسل، وأنزله على قلب كل تالٍ للقرآن الكريم.. {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. ونحن ماذا نعمل أمام القرآن الكريم، إننا لا نعيش أدنى درجات الخشوع، الذي يخشعه الجبل لو أنزل الله القرآن عليه.. {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
ثم يبدأ بختام بسورة الحشر، وهذه الآيات من الآيات البليغة في القرآن، آيات ربوبية وملكية : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.. فحسب الظاهر أن هذه أسماء الله الحسنى.. ولكن هناك ترابط بليغ مع آيات المراقبة، فقد بدأت الآية بذكر الله عزّ وجلّ، وهو ان لا ننسى الله عز وجل، {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.. لماذا؟.. لأنك ستلاقي هكذا رب، فعندما يدعوك القرآن لعدم نسيان الرب، الرب الذي له هذه الصفات الحسنى.. فإذن، إن القضية منطقية جداً.. أي بما أني ما دمت ارجع لهكذا رب: مهيمن، ومصور، وقدير، وجبار.. فهو أهل لأن يُراقَب، وأهل لأن يُذكر.. فكأن ختام هذه الآيات تشجيع للعبد على أن يلتزم بالمراقبة الدقيقة المستوعبة لكل آن من آنات الحياة.
ولهذا فإن التدبر في القرآن الكريم، هو مفتاح التكامل.. فهذه الآيات مفتاح الفلاح، لأنها تؤكد على عنصر جوهري، وهو مسألة المراقبة، والمراقبة متوقفة على معرفة المراقَب، وصفات جلاله وكماله.. فإذن، علينا التدبر في هذه الآيات، واتخاذها ورداً في اليوم، لأن هذه الآيات من الآيات التي يستحسن قراءتها دائماً.. من قوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. لتكون عنصر ردعٍ وتذكير للمؤمن، كلما أراد أن ينسى ربه.
شكرا لك اختي وتقبل منك الصلاة والقيام وسائر الاعمال والطاعات
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.. إن هذه الآيات من سورة الحشر، يُقال بأنها من أبلغ الآيات المُشيرة إلى مسألة مراقبة النفس.. وينبغي أن نخرج بدرس عملي، وقرار صارم من هذه الآية، في كيفية التعامل مع النفس.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}.. إن القرآن الكريم مليء بالأمر بالتقوى، وليست التقوى إلا الكفَّ عما لا يُرضي الله عز وجل: عملاً بالواجب، وإنتهاءً عن المحرم.
{وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.. يا لها من روعة!.. إن الأمر بالتقوى خطاب للمسلمين وللمؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللَّهَ}.. ولكن عندما يصل الأمر إلى المحاسبة، فإننا نلاحظ تغيير في لحن الآية: {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.. ففي صدر الآية هناك خطاب وهو: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ}، ولكن {وَلْتَنظُرْ}.. فإنه كلام مع الغائب، وليس هناك مواجهة في الخطاب.. يقول البعض -ونعم ما يقول!..- بأن هذه الآية لاتخلوا من عتاب، ومن تقريع مبطن.. وكأن الله عزّ وجل يُريد أن يقول: أُخاطب مَن؟!.. فالأمر بالتقوى يمكن أن أخاطب به المؤمنين، لكن مراقبة النفس أمرٌ صعب، فهو أمرٌ لا يلتفت إليه الخلق.. {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ} فيه تنكير، وكأن هذه النفوس التي تنظر إلى ما قدمت لغد، نفوس في غاية القلة وفي غاية الندرة.. وبالتالي، فكأن الله عز وجل لا يجد من يخاطبهم في الأمر بمحاسبة النفس.. ويا له من تقريع، ومن تعظيم لأمر محاسبة النفس!.. ولهذا فإن الله عز وجل، يبدو من خلال هذه الآية، أنه يشير إشارة خفية إلى أن الممتثلين لهذا الأمر الإلهي قليلون جدا.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}.. مرة أخرى الأمر بالتقوى.. وكأن لب التقوى وثمرتها، هي عبارة عن محاسبة ومراقبة النفس.. فمن دون الاهتمام البليغ بمحاسبة النفس ومراقبتها، كأن هذه التقوى لا تتم.. فكيف للإنسان أن يتقي غضب الله عز وجل وهو لا ينظر إليه، ولا يهتم بمراقبته لعبده؟.. فيعصيه العبد، وقد جعله أهون الناظرين إليه.. وعليه، فصحيح أن التقوى هي تكليف الجميع، ولكن هذه التقوى لا تتكامل ولا تعطي ثمارها المرجوة، يقول الكاظم (ع) كما في الرواية: (ليس منا مَن لم يحاسب نفسه في كلّ يوم).. والتعبير فيه شعار لطرد عن دائرة المعصوم، ومَن مع المعصوم من من الأولياء والمؤمنين.
ثم تقول الآية: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، إن نسيان الله عز وجل قد يجتمع مع الطاعة.. يقال: بأن نسيان الشيء، هو عبارة عن ذهاب صورة الشيء من الذهن.. أي إذا غابت صورة الشيء عن بالك، فإن ذلك الشيء منسي، وأنت ناسي لذلك الأمر.. ولهذا فإن الإنسان قد يعمل في شركة لسنوات طويلة، أو في دائرة، وغير ذلك، ويؤدي واجبه اليومي.. وينسى صاحب العمل وينسى الوزير والأمير.. فهو يعمل بشكل تلقائي، ولكن لا يذكر الآمر.. وهكذا فإن البعض قد يطيع رب العالمين، ويتعود على الصلاة.. فبعض الروايات تقول –ما مضمونه-: (لو ترك الصلاة لاستوحش من ذلك).. فهو وجود تلقائي يعبد الله عزّ وجلّ، ولكنه لا يعيش حالة الذكر الدائم ولا المتقطع.. فإذن، إن نسيان الله عز وجل يكون تارة بعدم الاعتراف به والتحدي؛ وهو الكفر.. وتارة يكون في مقام العمل، ومن منا يذكر هذه الصورة العُظمى في الوجود؟.. هذا الوجود الحقيقي الذي لا يساويه وجود!.. فكل وجود رشحة من رشحات فيضه!.. مَن منا يذكر الله عز وجل؟..
والقرآن الكريم يهدد ويقول: لا بأس لا تذكروني، أنا أيضاً لا أذكركم.. وأمحوكم عن ديواني، {فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ}.. أي أنت لا وزن لك عندي، ولا وجود.. إن الله عزّ وجلّ يُعامل بني آدم على أنه شيء في الوجود، لا على أنه عبدٌ له صلة بالله عز وجل.. فينظر إليه على أنه قطعة من الأرض، كالجبل الأشم الذي لا عقل له.. وهكذا يتحول الإنسان إلى موجودٍ، لا شعور ولا روح له في الوجود.. وإذا نسي الله عبدا أنساه نفسه.. أي أن نسيان الله عزّ وجلّ، سوف يدعوه إلى نسيان نفسه بترك المراقبة.. فالإنسان الذي لا يراقب نفسه، قد نسي نفسه..
ولهذا فإن الإنسان المصلي الذي يصلي بقلب غافل، فهو إنسان نسي نفسه.. ويوم القيامة قد يصبح هناك جدال، وهذا الجدال قد يكون بين النفس والجوارح.. فكما أن الجوارح يوم القيامة تتحدى بني آدم، وتشهد عليه.. {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}.. فيُحتمل وجود جدال آخر ومنازعة أخرى، تقول الجوارح: يا نفس!.. أنا كجوارح، وأنا كلحم وعظم ودم، ركعت وسجدت لله عزّ وجلّ.. وأنتِ يا نفسي مابالكِ كُنتِ من الغافلين!.. فأنا كلحم وعظم لا شعور له ولا عقل له، خضعت بين يدي الله، وكنت ساهياً تذهب يمينا وشمالاً.. وقد تفكر بالحرام وأنت قائماً بالصلاة.. ما هذا الغبن الفاحش!.. فكما أن الجلود تشهد على الإنسان يوم القيامة، فمن الممكن أن تقوم بهذا العتاب البليغ أيضاً.
{أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.. إن هذه الآية لا تقول: أولئك هم الخاسرون. فالذي نسي الله عز وجل نحن في عرفنا أنه إنسان غافل، فقد نسي الله عزّ وجلّ كباقي أهل الأرض.. ولكن القرآن الكريم يقول: {أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.. فنسيان الله عز وجل: إما هو فسقٌ خفي، أو مقدمة لفسق جليّ.
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. إن هذه الآية فيها أيضا عتابات مبطنة.. إنها تقول: يا بني آدم!.. لقد أنزلنا عليك القرآن، وكلفناك بالقرآن الكريم، وأمرناك بتلاوته، وجعلناك أهلاً لتحمل معانيه.. فالوجود البشري بعقله وبقلبه، يستوعب القرآن إجمالاً، أنزلنا عليك القرآن.. فقد أنزله على النبي كمتلقٍ وكمرسل، وأنزله على قلب كل تالٍ للقرآن الكريم.. {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. ونحن ماذا نعمل أمام القرآن الكريم، إننا لا نعيش أدنى درجات الخشوع، الذي يخشعه الجبل لو أنزل الله القرآن عليه.. {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}.
ثم يبدأ بختام بسورة الحشر، وهذه الآيات من الآيات البليغة في القرآن، آيات ربوبية وملكية : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.. فحسب الظاهر أن هذه أسماء الله الحسنى.. ولكن هناك ترابط بليغ مع آيات المراقبة، فقد بدأت الآية بذكر الله عزّ وجلّ، وهو ان لا ننسى الله عز وجل، {وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.. لماذا؟.. لأنك ستلاقي هكذا رب، فعندما يدعوك القرآن لعدم نسيان الرب، الرب الذي له هذه الصفات الحسنى.. فإذن، إن القضية منطقية جداً.. أي بما أني ما دمت ارجع لهكذا رب: مهيمن، ومصور، وقدير، وجبار.. فهو أهل لأن يُراقَب، وأهل لأن يُذكر.. فكأن ختام هذه الآيات تشجيع للعبد على أن يلتزم بالمراقبة الدقيقة المستوعبة لكل آن من آنات الحياة.
ولهذا فإن التدبر في القرآن الكريم، هو مفتاح التكامل.. فهذه الآيات مفتاح الفلاح، لأنها تؤكد على عنصر جوهري، وهو مسألة المراقبة، والمراقبة متوقفة على معرفة المراقَب، وصفات جلاله وكماله.. فإذن، علينا التدبر في هذه الآيات، واتخاذها ورداً في اليوم، لأن هذه الآيات من الآيات التي يستحسن قراءتها دائماً.. من قوله تعالى: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}.. لتكون عنصر ردعٍ وتذكير للمؤمن، كلما أراد أن ينسى ربه.
شكرا لك اختي وتقبل منك الصلاة والقيام وسائر الاعمال والطاعات
ياتى على الناس زمن يصلون و هم لا يصلون
ياتى على الناس زمن يصلون و هم لا يصلون......
تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة