مرسل: السبت 10-5-2008 8:52 am
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
قال الشيخ المحقق المدقق أبو محمد ومحمود سيدي عبد الحفيظ ابن محمد عن جواب رسائل ورد عليه عام ثلاثة وخمسين وثلاثمائة وألف عن اسم الله الأعظم نفعنا الله به آمين، وعلى الواقف السلام والرحمة والبركة من إخواننا وسادتنا أهل العلم والتقى.
وبعد بلغنا سؤالكم السديد ولذيذ خطابكم الفريد وفهمناه جملة وتفصيلا عن شأن ما أردتموه وطلبتموه من إبدائنا لكم سر معنى الإسم الأعظم نعم سادتنا الاسم الأعظم لا يعلم حقيقة سره إلا مسماه كما لا يخفاكم، لكن جرت عادة الله في الشرائع والحقائق إذ جعل لكل منهما أهلا وكل يتكلم في ذلك على قدر شربه، ونحن إن شاء الله نتكلم في سر الاسم بحسب إمكاننا في مغيبات أموره ومغلقات إشارته ومصعبات رموزه وإن كنا لسنا أهلا لذلك لأن رد الجواب واجب كرد السلام كما لا يخفاكم ، فأقول وبالله التوفيق ومنه الإعانة، أن الاسم الأعظم مختلف فيه واتسع الخلاف في ذلك حتى كاد أن لا يحصى كثرة كما لا يخفى على من له أدنى مدخل في العلم المنقول وكذا المعقول وأسماء الله تعالى تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال وتعرف بدقائق الحكم الربانية والأسرار اللدنية وكل اسم له معنى غيبا يناسب صاحبه بحسب مدلول المعنى من الأربعة المعروفة في الخارج والداخل أي للظاهر والباطن بالعناصر الأربعة تعرف الأحوال فافهم والله أعلم بغيبه.
الاسم الأعظم هو الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى وقيل الإنسان الكامل هو الاسم الأعظم أعني بذلك أن الإنسان إذا انتقل من أوصاف البشرية واتصف بصفات مولاه الحميدة صار مختارا باختيار ربه مصطلما عن اختياره فانيا عن أوصافه باقيا بأوصاف ربه لقوله عليه السلام حاكيا عن ربه عز وجل " لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " الحديث وهو معروف في كتب القوم وحيث صار العبد سمعه وبصره وبطشه ونطقه ورجله كيف لا يكون اسمه بل هو الاسم الأعظم إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى وهو مشتق من أسمائه تعالى سميع بصير متكلم إلى غير ذلك مما لا ينافي ولايته، والإنسان الكامل هو الغوث المحقق الجامع لاستغاثته الخلق كافة المحتوي على الملكوت العلوي والسفلي والمراد بالعلوي العرش وما حوى والمراد بالسفلي سر الكائنات بأسره لقوله عليه السلام حاكيا عن ربه عز وجل " ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن " وقوله عليه السلام قلب المؤمن عرش الرحمن والإنسان الكامل به يستجاب الدعوات وتجري على يديه تأثيرات على رؤوس الاشهاد ما لا يستجاب بدعوة غيره ولا باسم من أسمائه غير الاسم الأعظم المذكور فحيث ما دعي أجيب كما علم والإنسان الكامل ما خفي سره إلا لحكمة ولو ظهرت خاصيته لتعطلت مصالح الخلق لكن أخفاه الله لجري عادة أحكامه المعلومة بين الخلق قديما وحادثا كساعة الجمعة وليلة القدر أوجدهما الله في سائر السنة وأخفى تعيينهم لنفوذ الأحكام فكذلك الانسان الكامل الجامع للحقيقة والشريعة أوجده الله بين خلقه وأخفى سر خصوصيته لحكمة استأثره الله بها وكذلك سره الأعظم أوجده الله في الأسماء وأخفى سره في سره لا يطلع عليه إلا الله وأولو العلم من بين خلقه كالرسل والمقربين من بني آدم والملائكة ولا يطلع على هذا السر إلا من سرى سر سره في غيب سر الأرواح المودوع في الروح الأعظم الإلهي المجدي الجبريلي الجلالي الجمالي، ومعنى الانسان الكامل دوري غريب لا يعلمه إلا باريه وناشئه ولولا الانسان الكامل المحقق لم تعرف أسرار المغيبات ولا يظهر لسر الاسم الأعظم نور تجليات لقوله صلى الله عليه وسلم فبي عرفوني وبي وبي، يعني فبمحمد –صلى الله عليه وسلم- عرفت المعارف وهذا الإنسان اغترف من بحر أنوار سيد الوجود، ويشرب من خمر محبته فصار دوريا مشرقا في الكون واستنارت بدوره الظواهر فأشرقت، وعلم منها المضار والمنافع حتى صار هو قطب رحا الوجود بأسره ، لأنه هو النائب في مقام النبوة أعني في الشرائع والحقائق والرسائل والفضائل والدرجات الرفيعة لا بالحلول في مراتب النبوة أو النزول في مقامتهم المحمودة، بل هذا محال في حق غيرهم كما علم فافهم، والكلام في معنى سر الإنسان الكامل يطول ذكره ولو تتبعنا معانيه لم تسعه الدواوين لكن اخترنا معناه وما ذكرناه يكفي لذوي العقول وحكمته ظاهرة والحمد لله . ولنرجع للمقصود وهو الاسم الأعظم في السماء كنور الشمس في قرصها أعني قرص الشمس حامل لنورها ونورها حامل لقرصها وكلاهما محمولان بقدرة الله سبحانه ولولا نور الشمس ماظهر قرصها أي جرمها وبنور الشمس استنارت الكائنات واقتبس منها القمر والنجوم وأظهر عجائب النباتات وكملت مصالح المخلوقات فكذلك سر الاسم الأعظم في جميع أسماء الله تعالى يظهر سره في كل اسم ولا يظهر سر الأسماء فيه لأنه سر خفي في سر الأسماء والصفات لأن الأسماء تأخذ منه ولا يأخذ هو منها كما أن القمر والنجوم تأخذ من الشمس ولا تأخذ منهما، لم يطلع على سره إلا ذو إخفاء وسر ولو ظهر سر الاسم وعجائبه لكفى عن استعمال ذكر الأسماء كلها لكنه بالأسماء يتوصل إليه وبه يتوصل للأسماء ولولا الاسم ما ظهرت خاصية الأسماء ولولا الأسماء ما ظهرت خاصية الاسم وكلاهما موصل للآخر وبيان كيفية ذلك أن الأحوال مندرجة في الأفعال وهو يعرف بالدلائل العقلية والأفعال مندرجة في الأسماء، وهو يعرف بالشوق والأسماء مندرجة في الصفات وهو يعرف بالذوق والصفات مندرجة في الذات وهو يعرف بالمزج والذات مندرجة في نفسها وهي لم يعرف لها حكم وإدراكها في المجز عنها واندراج هذه الأحوال والأفعال والأسماء والصفات في سر الاسم الأعظم فبسره يظهر كل مقام وكل مقام له مقال، وهذه الأسرار كلها مندرجة في سر الولاية محتو على الكون عرشا وفرشا والعرش محتو عليه العظمة والعظمة احتوت عليها الأحدية والأحدية احتوى عليها الجلال والجمال وهذا يعرف بتدريج المقامات والأسماء، فبالتدريج تعرف الحقائق وإلا فلا سبيل لكل منهما والاسم الأعظم هو سر الاسم المعبر عنه بالجمعية والجمع المطلق وقيل هو الاسم المفرد وهو الله وسره في إخفاء الحروف الألف المسقط خطأ لا لفظا الكائن بين اللام والهاء وحيث خفي هذا الحرف خفي سر هذا الاسم وتعاظم حتى لم تدرك له نهاية وصار هو مبتدأ الأسماء ومنتهاها فالبداية به تخلية وتحلية وترقية وتزكية والنهاية به تمكن وحضور وغيبة عما سوى المذكور فبدايته محرقة ونهايته مشرقة، فبدايته فكر ونهايته شكر، فبدايته فناء ونهايته بقاء ، فبدايته ظاهر ونهايته باطن، فبدايته نورانية ونهايته وصالية، فبدايته تلوين ونهايته تمكين، والاسم الأعظم في الأسماء كمحمد صلى الله عليه وسلم تفتقر إليه كل الخلق ولا يفتقر لها، ومثال هذا في الذاكر يغيب في الذكر بالذكر عن الذكر، حتى لا يبقى إلا سر الذكر وهو الاسم الأعظم أي غاية سره المتصل بعظمة الجلال والجمال المتصف بالكبرياء والعظمة لقوله عليه السلام حاكيا عن ربه عز وجل، الكبرياء ردائي والعظمة إزاري وهذا معنى سر الاسم الأعظم والله أعلم، ونذكر إن شاء الله نبذة من بعض فضائله وحسن عوائده وجلال قدره ليتبين طيبه من طيبه ، ويستفاد بذلك كل من له أدنى فهم في إرشاده وإذعان لأحكامه وتسليما لرموزه وتصديقا لغوامضه أعني الاسم الأعظم المذكور، له بداية ونهاية فبدايته التوفيق ونهايته التحقيق أعني به يبتدأ السالك في حال سلوكه في الذكر وهو لا إله إلا الله أي لا معبود أو لا مطلوب أولا موجود إلا الله أو الله مطلوبي أو معبودي أو موجودي أو غير ذلك مما يجري على قلب السالك من معاني سر الاسم فباستمرار الذاكر على هذا الاسم تظهر له العلامات والدلائل بحسب استعداده في السير والسلوك إلى أن يباشر المقام الثاني بالدليل القطعي ويشرف على أول منازله ويدقق المقام الثاني وبالدليل القطعي الأول ثم يرحله قدوته إن كان له قدوة عارفا بذلك إلى المقام الثاني فيظهر له مقاما حاليا، ثم ينهض السالك في السير وينظر قدوته في حاله هكذا شيئا بعد شيء بالتدريج إلى أن يسلك على المقامات السبع إن كانت فيه أهلية لذلك وسابقية خير، وحيث ترك أنفاسه ويخرج عن أوصافه البشرية ويتخلق بأوصافه الحميدة ويسلك على المقامات بالشروط المتقدم ذكرها فهو بصفته حينئذ فيصير مقامه قهريا فيقهر كل من يراه بدعة ويرهب فبتلك القهرية تمتد له الامدادات ويلحق بالمقام القسط الذي يمرر للمريدين على يديه التزكية والتحلية والسير والسلوك إلى مقام الملوك فتصير حركاته نتائج وسكناته مفارج وأنفاسه مخارج أي شهب تحرق بها الشياطين في الهوى والحظوظ والأنفاس والهواجس فيصير إمام الخلق كافة فمن أمه سار في الطريق ونجا، ومن خالفه هام ودخل تيه ظلامه لا يدري أين يذهب وأين يجيء وهذه صفة صاحب المقام وأوصافه ومناقبه لم تدخل تحت الحصر غير أننا ذكرنا بعضها على سبيل البركة لنبين حقيقة الاسم الأعظم وما استخراجه من الأسماء نعم ثم ينتقل صاحب المقام القهري إلى الاسم الأعظم المفرد وهو الله الأحد فيصير صاحب هذا المقام أي المقام المفرد وهو الاسم الأعظم والاسم الأعظم هو صاحب هذا المقام أعني هو الإنسان الكامل المذكور فظهر لنا ثمرة الاسم الأعظم فمن هنا ظهر سر الاسم الأعظم إن شاء الله ‘ إن الاسم الأعظم ليس هو مقتضى تلفظ حروفه فقط بل الحروف تبلغ معناه ومعناه يبلغ إلى سره وسره يبلغ إلى تجلي الاسم وتجلي الاسم يبلغه إلى تجلي الصفات وتجلي الصفات يبلغه إلى تجلي الذات وتجلي الذات يبلغها إلى تجليها لنفسها بنفسها وهكذا تدريج الاسم في الأسماء إلى أن يصير اسما معظما مستجابا فمن صادف محله في التدريج بالفعل أو القول نال من بركاته ما يناسب استعداده في الدعاء أو السير أو غير ذلك يوافقه في القدر وإلا فلا سبيل له إلى مقتضى أسراره سواء ذكره أو استعمله فيما شاء كيف شاء لم ينل منه إلا العصمة الظاهرة فقط.
والله أعلم والسلام من الفقير الذليل عبد الحفيظ كتبه وقيده عام 1253 هـ
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
قال الشيخ المحقق المدقق أبو محمد ومحمود سيدي عبد الحفيظ ابن محمد عن جواب رسائل ورد عليه عام ثلاثة وخمسين وثلاثمائة وألف عن اسم الله الأعظم نفعنا الله به آمين، وعلى الواقف السلام والرحمة والبركة من إخواننا وسادتنا أهل العلم والتقى.
وبعد بلغنا سؤالكم السديد ولذيذ خطابكم الفريد وفهمناه جملة وتفصيلا عن شأن ما أردتموه وطلبتموه من إبدائنا لكم سر معنى الإسم الأعظم نعم سادتنا الاسم الأعظم لا يعلم حقيقة سره إلا مسماه كما لا يخفاكم، لكن جرت عادة الله في الشرائع والحقائق إذ جعل لكل منهما أهلا وكل يتكلم في ذلك على قدر شربه، ونحن إن شاء الله نتكلم في سر الاسم بحسب إمكاننا في مغيبات أموره ومغلقات إشارته ومصعبات رموزه وإن كنا لسنا أهلا لذلك لأن رد الجواب واجب كرد السلام كما لا يخفاكم ، فأقول وبالله التوفيق ومنه الإعانة، أن الاسم الأعظم مختلف فيه واتسع الخلاف في ذلك حتى كاد أن لا يحصى كثرة كما لا يخفى على من له أدنى مدخل في العلم المنقول وكذا المعقول وأسماء الله تعالى تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال وتعرف بدقائق الحكم الربانية والأسرار اللدنية وكل اسم له معنى غيبا يناسب صاحبه بحسب مدلول المعنى من الأربعة المعروفة في الخارج والداخل أي للظاهر والباطن بالعناصر الأربعة تعرف الأحوال فافهم والله أعلم بغيبه.
الاسم الأعظم هو الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى وقيل الإنسان الكامل هو الاسم الأعظم أعني بذلك أن الإنسان إذا انتقل من أوصاف البشرية واتصف بصفات مولاه الحميدة صار مختارا باختيار ربه مصطلما عن اختياره فانيا عن أوصافه باقيا بأوصاف ربه لقوله عليه السلام حاكيا عن ربه عز وجل " لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " الحديث وهو معروف في كتب القوم وحيث صار العبد سمعه وبصره وبطشه ونطقه ورجله كيف لا يكون اسمه بل هو الاسم الأعظم إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى وهو مشتق من أسمائه تعالى سميع بصير متكلم إلى غير ذلك مما لا ينافي ولايته، والإنسان الكامل هو الغوث المحقق الجامع لاستغاثته الخلق كافة المحتوي على الملكوت العلوي والسفلي والمراد بالعلوي العرش وما حوى والمراد بالسفلي سر الكائنات بأسره لقوله عليه السلام حاكيا عن ربه عز وجل " ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن " وقوله عليه السلام قلب المؤمن عرش الرحمن والإنسان الكامل به يستجاب الدعوات وتجري على يديه تأثيرات على رؤوس الاشهاد ما لا يستجاب بدعوة غيره ولا باسم من أسمائه غير الاسم الأعظم المذكور فحيث ما دعي أجيب كما علم والإنسان الكامل ما خفي سره إلا لحكمة ولو ظهرت خاصيته لتعطلت مصالح الخلق لكن أخفاه الله لجري عادة أحكامه المعلومة بين الخلق قديما وحادثا كساعة الجمعة وليلة القدر أوجدهما الله في سائر السنة وأخفى تعيينهم لنفوذ الأحكام فكذلك الانسان الكامل الجامع للحقيقة والشريعة أوجده الله بين خلقه وأخفى سر خصوصيته لحكمة استأثره الله بها وكذلك سره الأعظم أوجده الله في الأسماء وأخفى سره في سره لا يطلع عليه إلا الله وأولو العلم من بين خلقه كالرسل والمقربين من بني آدم والملائكة ولا يطلع على هذا السر إلا من سرى سر سره في غيب سر الأرواح المودوع في الروح الأعظم الإلهي المجدي الجبريلي الجلالي الجمالي، ومعنى الانسان الكامل دوري غريب لا يعلمه إلا باريه وناشئه ولولا الانسان الكامل المحقق لم تعرف أسرار المغيبات ولا يظهر لسر الاسم الأعظم نور تجليات لقوله صلى الله عليه وسلم فبي عرفوني وبي وبي، يعني فبمحمد –صلى الله عليه وسلم- عرفت المعارف وهذا الإنسان اغترف من بحر أنوار سيد الوجود، ويشرب من خمر محبته فصار دوريا مشرقا في الكون واستنارت بدوره الظواهر فأشرقت، وعلم منها المضار والمنافع حتى صار هو قطب رحا الوجود بأسره ، لأنه هو النائب في مقام النبوة أعني في الشرائع والحقائق والرسائل والفضائل والدرجات الرفيعة لا بالحلول في مراتب النبوة أو النزول في مقامتهم المحمودة، بل هذا محال في حق غيرهم كما علم فافهم، والكلام في معنى سر الإنسان الكامل يطول ذكره ولو تتبعنا معانيه لم تسعه الدواوين لكن اخترنا معناه وما ذكرناه يكفي لذوي العقول وحكمته ظاهرة والحمد لله . ولنرجع للمقصود وهو الاسم الأعظم في السماء كنور الشمس في قرصها أعني قرص الشمس حامل لنورها ونورها حامل لقرصها وكلاهما محمولان بقدرة الله سبحانه ولولا نور الشمس ماظهر قرصها أي جرمها وبنور الشمس استنارت الكائنات واقتبس منها القمر والنجوم وأظهر عجائب النباتات وكملت مصالح المخلوقات فكذلك سر الاسم الأعظم في جميع أسماء الله تعالى يظهر سره في كل اسم ولا يظهر سر الأسماء فيه لأنه سر خفي في سر الأسماء والصفات لأن الأسماء تأخذ منه ولا يأخذ هو منها كما أن القمر والنجوم تأخذ من الشمس ولا تأخذ منهما، لم يطلع على سره إلا ذو إخفاء وسر ولو ظهر سر الاسم وعجائبه لكفى عن استعمال ذكر الأسماء كلها لكنه بالأسماء يتوصل إليه وبه يتوصل للأسماء ولولا الاسم ما ظهرت خاصية الأسماء ولولا الأسماء ما ظهرت خاصية الاسم وكلاهما موصل للآخر وبيان كيفية ذلك أن الأحوال مندرجة في الأفعال وهو يعرف بالدلائل العقلية والأفعال مندرجة في الأسماء، وهو يعرف بالشوق والأسماء مندرجة في الصفات وهو يعرف بالذوق والصفات مندرجة في الذات وهو يعرف بالمزج والذات مندرجة في نفسها وهي لم يعرف لها حكم وإدراكها في المجز عنها واندراج هذه الأحوال والأفعال والأسماء والصفات في سر الاسم الأعظم فبسره يظهر كل مقام وكل مقام له مقال، وهذه الأسرار كلها مندرجة في سر الولاية محتو على الكون عرشا وفرشا والعرش محتو عليه العظمة والعظمة احتوت عليها الأحدية والأحدية احتوى عليها الجلال والجمال وهذا يعرف بتدريج المقامات والأسماء، فبالتدريج تعرف الحقائق وإلا فلا سبيل لكل منهما والاسم الأعظم هو سر الاسم المعبر عنه بالجمعية والجمع المطلق وقيل هو الاسم المفرد وهو الله وسره في إخفاء الحروف الألف المسقط خطأ لا لفظا الكائن بين اللام والهاء وحيث خفي هذا الحرف خفي سر هذا الاسم وتعاظم حتى لم تدرك له نهاية وصار هو مبتدأ الأسماء ومنتهاها فالبداية به تخلية وتحلية وترقية وتزكية والنهاية به تمكن وحضور وغيبة عما سوى المذكور فبدايته محرقة ونهايته مشرقة، فبدايته فكر ونهايته شكر، فبدايته فناء ونهايته بقاء ، فبدايته ظاهر ونهايته باطن، فبدايته نورانية ونهايته وصالية، فبدايته تلوين ونهايته تمكين، والاسم الأعظم في الأسماء كمحمد صلى الله عليه وسلم تفتقر إليه كل الخلق ولا يفتقر لها، ومثال هذا في الذاكر يغيب في الذكر بالذكر عن الذكر، حتى لا يبقى إلا سر الذكر وهو الاسم الأعظم أي غاية سره المتصل بعظمة الجلال والجمال المتصف بالكبرياء والعظمة لقوله عليه السلام حاكيا عن ربه عز وجل، الكبرياء ردائي والعظمة إزاري وهذا معنى سر الاسم الأعظم والله أعلم، ونذكر إن شاء الله نبذة من بعض فضائله وحسن عوائده وجلال قدره ليتبين طيبه من طيبه ، ويستفاد بذلك كل من له أدنى فهم في إرشاده وإذعان لأحكامه وتسليما لرموزه وتصديقا لغوامضه أعني الاسم الأعظم المذكور، له بداية ونهاية فبدايته التوفيق ونهايته التحقيق أعني به يبتدأ السالك في حال سلوكه في الذكر وهو لا إله إلا الله أي لا معبود أو لا مطلوب أولا موجود إلا الله أو الله مطلوبي أو معبودي أو موجودي أو غير ذلك مما يجري على قلب السالك من معاني سر الاسم فباستمرار الذاكر على هذا الاسم تظهر له العلامات والدلائل بحسب استعداده في السير والسلوك إلى أن يباشر المقام الثاني بالدليل القطعي ويشرف على أول منازله ويدقق المقام الثاني وبالدليل القطعي الأول ثم يرحله قدوته إن كان له قدوة عارفا بذلك إلى المقام الثاني فيظهر له مقاما حاليا، ثم ينهض السالك في السير وينظر قدوته في حاله هكذا شيئا بعد شيء بالتدريج إلى أن يسلك على المقامات السبع إن كانت فيه أهلية لذلك وسابقية خير، وحيث ترك أنفاسه ويخرج عن أوصافه البشرية ويتخلق بأوصافه الحميدة ويسلك على المقامات بالشروط المتقدم ذكرها فهو بصفته حينئذ فيصير مقامه قهريا فيقهر كل من يراه بدعة ويرهب فبتلك القهرية تمتد له الامدادات ويلحق بالمقام القسط الذي يمرر للمريدين على يديه التزكية والتحلية والسير والسلوك إلى مقام الملوك فتصير حركاته نتائج وسكناته مفارج وأنفاسه مخارج أي شهب تحرق بها الشياطين في الهوى والحظوظ والأنفاس والهواجس فيصير إمام الخلق كافة فمن أمه سار في الطريق ونجا، ومن خالفه هام ودخل تيه ظلامه لا يدري أين يذهب وأين يجيء وهذه صفة صاحب المقام وأوصافه ومناقبه لم تدخل تحت الحصر غير أننا ذكرنا بعضها على سبيل البركة لنبين حقيقة الاسم الأعظم وما استخراجه من الأسماء نعم ثم ينتقل صاحب المقام القهري إلى الاسم الأعظم المفرد وهو الله الأحد فيصير صاحب هذا المقام أي المقام المفرد وهو الاسم الأعظم والاسم الأعظم هو صاحب هذا المقام أعني هو الإنسان الكامل المذكور فظهر لنا ثمرة الاسم الأعظم فمن هنا ظهر سر الاسم الأعظم إن شاء الله ‘ إن الاسم الأعظم ليس هو مقتضى تلفظ حروفه فقط بل الحروف تبلغ معناه ومعناه يبلغ إلى سره وسره يبلغ إلى تجلي الاسم وتجلي الاسم يبلغه إلى تجلي الصفات وتجلي الصفات يبلغه إلى تجلي الذات وتجلي الذات يبلغها إلى تجليها لنفسها بنفسها وهكذا تدريج الاسم في الأسماء إلى أن يصير اسما معظما مستجابا فمن صادف محله في التدريج بالفعل أو القول نال من بركاته ما يناسب استعداده في الدعاء أو السير أو غير ذلك يوافقه في القدر وإلا فلا سبيل له إلى مقتضى أسراره سواء ذكره أو استعمله فيما شاء كيف شاء لم ينل منه إلا العصمة الظاهرة فقط.
والله أعلم والسلام من الفقير الذليل عبد الحفيظ كتبه وقيده عام 1253 هـ