حكمة بصيرة
من ذا الذي يمكن ان يمثل لنا المعيار الدقيق ويكون لنا بمثابة الدليل (الهادي) إلى الخير غير الانسان الحكيم
(في خلقه وسلوكه ) إن الامر الذي يختاره ، حين يتم إختياره على أساس من الروية والعلم هو الخير ام الضد ( المخالف له ) فهو الشر إن جميع الناس يميلون إلى إختيار مايلائم طباعهم ، فالعادل يختار الحياة العادلة ، والشجاع حياة ال شجاعة ، والبصير العاقل حياة التبصر والعقل .
ومن هذا يتضح كذلك أن الانسان الذي وهب ملكة العقل سيختار الفلسفة ، لأن التفلسف هو مهمة هذه الملكة .
ومن هذا الحكم الصادر بأقصى درجة من اليقين يتبين ان ملكة التعقل هي أسمى الخيرات جميعا .
ويتضح صدق هذه القضية مما سيأتي قوله . إن التأمل والمعرفة جديران بأن يسمى إليهما الانسان ، إذ بغيرهما يستحيل على المرء أن يحيا الحياة التي تليق بأنسانيته . ولكنهما كذلك نافعان للحياة العملية ، فما من شيء ( يمكن ان ) يبدو لنا خيرا إن لم تتحقق الغاية منه عن طريق التدبر والنشاط العاقل الحكيم وسواء أكانت الحياة السعيدة تكمن في البهجة والهناء أم في الفضيلة
( والسمو الخلقي ) أم في العقل
( وممارسة العقل ) فلابد للإنسان في كل هذه الاحوال من ان يتفلسف ، لأننا لانتوصل إلى الرأي الواضح في كل هذه الامور إلا عن طريق التفلسف ان من يبحث في كل علم عن نتيجة مختلفة عنه و يتطلب من كل معرفة أن تكون نافعة إنما يجهل تمام الجهل مدى النارق الأساسي بين ما هو خير وما هو ضروري وانه في الواقع لفارق عضيم .
ذلك لانهم يحبون الحياة كما يحبون معها التفكير والمعرفة . وليست الحياة ( في نظرهم ) جديرة بالتكريم إلا بسبب الإدراك الحسي و بالأخص بسبب الإبصار .
و الظاهر أنهم يقدرون هذه الملكة فوق كل حد لأنها في علاقتها بسائر الادراكات الحسية تكاد ان تكون نوعا من المعرفة . وذلك أن الحياة تفترق عن عدم الحياة عن طريق الإدراك . ونحن نحدد الحياة بوجود الادراك والقدرة . فإذا انتزعت هذه القدرة لم تعد الحاة تستحق العيش ؛ ويبدو الامر في هذه الحالة وكأن الحياة –
و معها الادراك – قد قضى عليها . وتتميز قوة الابصار عن سائر أعضاء الحس ، لأنها أشدها حدة ، ولهذا أيضا نقدرها تقديرا يفوق ( كل ما عداها ) . إن كل إدراك هو القدرة على معرفة شيء عن طريق الجسم ،
كما يدرك السمع الأنغام عن طريق الأذنين فإذا كانت الحياة جديرة بالإختيار بسبب الإدراك ، وكان الإدراك نوعا من المعرفة ، و إذا كنا نفضل الحياة لأن النفس تستطيع أن تتوصل إلى المعرفة عن طريق الإدراك ؛
ثم إذا كان الأحق بالإختيار بين شيئين هو دائما – كما قلت منذ قليل – ذلك الشيء الذي يتصف بنفس الصفة ( المرغوبة ) ؛
( إذا صح ما سبق ) لزم أن يكون الإبصار أجدر الادراكات الحسية بالإختيار و أشرفها جميعا ، وأن تكون المعرفة الفلسفية أولى بالإختيار من هذه الحاسة ومن سائر الإدراكات الحسية بل ومن الحياة نفسها ، لأنها ( أي العرفة الفلسفية ) هي الحقيقة . وهذا هو السبب ( الذي يدفع ) الناس جميعا على السعي إلى المعرفة وتفضيلها على أي شيء آخر .
حكمة بصيرة
- الامير العربي
- عضو
- مشاركات: 9
- اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
- الجنس: اختار واحد
حكمة بصيرة
- شعاع الشمس
- عضو متميز
- مشاركات: 155
- اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
- الجنس: اختار واحد