أينما ذهبت وكلما رأيت المتدينين المتأسلمين في عالم السياسة، أشعر بالقشعريرة، وبناء على وصية أحد الأصدقاء الذي لدغوه و«لطشوه» في احدى المناسبات، كلما تواجدت في مكان يكثر به الملتحون، أضع كلتا يدي على جيبي خوفا من نشال محترف يتدثر بالدين، ففي مكان كهذا احذروا من النشل والنشالين، وبالعكس من ذلك، فأنا من عشاق رجال الدين البعيدين والذين ينفرون من السياسة وألاعيبها ودهاليزها.
كنت أحد الذين يرون في الشيخ الرفاعي مثالا لمن باع الدنيا بالآخرة، وكنت أرى أنه رجل نقي نزيه صاف كحليب السعودية! وكل ما يظهر به علينا من إعلانات رغم سذاجتها، ما هو إلا تعصب ونصرة للصحابة وأمهات المؤمنين ولمذهبه، وربما لإغاظة أطراف وجهات يرى انها ليست على الطريق القويم، ولا ضير في ذلك، ما دام لا يطعن بمذهب ودين ولا يكفر أحدا، حتى خرج علينا بالخبر اللعين «عاشوراء يوم فرح وسرور!!!».
يا شيخنا الجليل خفف السرعة جزاك الله خيرا، فالطريق مليء بالسيارات، ولست وحدك في الطريق، فالقيادة فن وذوق، وكل قائدي السيارات يرون أنهم أصحاب الحق، وأن لهم أولوية المرور، فإن لم تحترم غيرك، لن يح ترمك أحد، وستحل الفوضى وسنعلق جميعا في زحمة السير.
شيخنا الجليل.. ألم تقل لنا لا تحتفلوا بعيد الأم وعيد المسيح؟ فلا يوجد يوم فرح وسرور ويوم عيد إلا في عيدي المسلمين، عيد الأضحى وعيد الفطر السعيد شيخنا الجليل: ألم تحرم علينا الاحتفال بمولد سيدنا عيسى؟ فكيف تبيح لنا الاحتفال بنجاة سيدنا موسى من فرعون؟ ألم تحرم علينا الاحتفال بمولد رسولنا الكريم؟ فكيف تأمرنا بالاحتفال بنجاة سيدنا موسى من فرعون؟ شيخنا الجليل: أما كان بنا الأولى كمسلمين الاحتفال بنجاة رسولنا الكريم من الكفار يوم أن نام في فراشه ابن عمه أمير المؤمنين، ويوم نجا الله إبراهيم الخليل من نار نمرود؟
شيخنا الجليل.. أتقول إن الرسول كان يأخذ تعاليمه من اليهود الذين أخفوا التوراة التي تذكره، والذين غدروا به وحاربوه، وبالله عليك أخبرنا كيف كان يصوم اليهود وعلى أي تاريخ قبل هجرة الرسول؟
شيخنا الجليل.. أعتقد أن مسمار عاشوراء قد فقع بالونك المتضخم الذي تبوأ العقول، شيخنا الجليل.. لا تفجر في الخصومة، ولتعلم أن السنة والشيعة في الكويت مسلمون متحابون، شيخنا الجليل.. إنك تضرب الكويت بكرة هدم عملاقة، ومن يرد أن يهدي الناس، فلا يشتمهم ومن ثم يدعوهم إلى الصراط المستقيم.
شيخنا الجليل.. نعلم إنك تعتقد أنك النزيه الناصح الذي لا يساوم على الدين، ولكن في المقابل هناك الكثير ممن يرون أنهم أصحاب الحق أينما مال يميلون، ويرونك مسكينا تعلو عينيه غشاوة التعصب، ولكنهم لم يسعوا أو يتجرأوا كما فعلت على توجيهك ونصحك ولم يقولوا إنك على ضلال مبين، فعليك بنفسك وعلى من حولك، ولا تتطفل على أحد. شيخنا الجليل، فكل بطريقته راض، ولن يتغير أحد باستفزازاتك ولوحاتك، وكفاك نرجسية.
شيخنا الجليل.. ان كنت تبحث عن الثواب فلدي لك ما هو خير لك من السبورة والطباشير، ما عليك إلا أن تدير مفتاح سيارتك، وتتوجه إلى منطقة الصليبية أو الجهراء أو جليب الشيوخ، وستجد الكويت مصغرة بجميع فئاتها وطوائفها بثوب البدون، ولتتفقدهم وتسمع شكواهم وتنتشلهم من الفقر والذل والحاجة والعوز وظلم ذوي القربى، ولتسمع دعاءهم طازجا يحلق إلى السماء دون رقيب، وساعتها تك رم عليهم ووزع مطوياتك، ولكن صدقني يا شيخ يا جليل.. لن تستطيع أن تشتري الدنيا والآخرة بأموالك، فبعقليتك هذه وأسلوبك وألوانك البهلوانية هذه، لن تغير ما في النفوس وإن انفقت مافي الارض جميعا.
كاتب المقال
علي العتيبي
م
ن