اسم الله الاعظم اسم يستودعه عند خاصة اوليائه ؛ وهو نور يقذفه الله في قلوب عباده المؤمنين الصادقين المخلصين العارفين به وذلك لا يكون الا لمن بلغ ذروة من الكمال و الترويض النفسي فقد قال الله العظيم في محكم كتابه الكريم : (( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم )) كيف يصل المؤمن الى معرفة الاسم الاعظم ؟
وهل هو موجود في البسملة كما قيل ؟
وهل ان اسم الله الاعظم موجود في (( ألم )) الموجودة في سورة آل عمران ؟ ولماذا؟
وما هو معنى كلمة الله فيقال انها ليست عربية الاصل ؛ مستشهدين باية قرآنية ان وجدت ؟
الاسم الاعظم
قوانين المنتدى
نحن ذكرنا طبيعة والية التاثير وكيف تكون وكيف يكون الانسان هو المدخل الأول حتى الأثر هو تفاعل طاقوي نفسي وروحي وجسدي من قبل الذاكر ثم يستجاب لذلك كونيا وذكرنا الاثار وطبيعة تاثيرها تفصيلا ومنها الاذكار التبتية التي لا تكون أحيانا ذات معنى بل فقط لفظا يكرر وفق نسق ومنهج ويكون له تاثير عظيم أيضاً
وقلنا بان كل ذكر وضعه انسان سواء كان له معنى او ليس له معنى سيكون له تاثير بقدره ووفق طاقويته ووفق تاثر الذهن به
فمن يردد كل يوم كثيرا انا سلام محب السلام يكون منهجة هو السلام
ومن يردد كثيرا انا اسد العرين وقاطع الرقاب سيكون متأثرا بذلك ويوقع عليه اثر هذا المعنى
اذن لابد ان يدرس كل لفظ وما هو اثره من قبل من يدعي الحكمة والعلم
شرح مفصل عن عقيدتي في الاسماء الحسنى وتاثير ايات القران
/viewtopic.php?f=91&t=28655
نحن ذكرنا طبيعة والية التاثير وكيف تكون وكيف يكون الانسان هو المدخل الأول حتى الأثر هو تفاعل طاقوي نفسي وروحي وجسدي من قبل الذاكر ثم يستجاب لذلك كونيا وذكرنا الاثار وطبيعة تاثيرها تفصيلا ومنها الاذكار التبتية التي لا تكون أحيانا ذات معنى بل فقط لفظا يكرر وفق نسق ومنهج ويكون له تاثير عظيم أيضاً
وقلنا بان كل ذكر وضعه انسان سواء كان له معنى او ليس له معنى سيكون له تاثير بقدره ووفق طاقويته ووفق تاثر الذهن به
فمن يردد كل يوم كثيرا انا سلام محب السلام يكون منهجة هو السلام
ومن يردد كثيرا انا اسد العرين وقاطع الرقاب سيكون متأثرا بذلك ويوقع عليه اثر هذا المعنى
اذن لابد ان يدرس كل لفظ وما هو اثره من قبل من يدعي الحكمة والعلم
شرح مفصل عن عقيدتي في الاسماء الحسنى وتاثير ايات القران
/viewtopic.php?f=91&t=28655
الاسم الاعظم
إن الاسم الأعظم أودع الله معرفته عند خاصة أوليائه ، العارفين به ، المخلصين له ، وهم النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» وأئمة أهل البيت «عليهم السلام» ، وهو اسمٌ من ثلاث وسبعين حرف أودع الله عند أهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» من الأئمة المعصومين «عليهم السلام» اثنان وسبعين حرف واختص بواحدٍ لنفسه، وما قصدت بالمؤمنين في النص الذي ذكرته ، هم أئمة آل البيت «عليهم السلام» بقرينة «الصادقين المخلصين العارفين» فأي أحد منا عرف الله كما عرفه أهل البيت «عليهم السلام» ؟! إذ المعرفة والصدق والإخلاص قيودٌ احترازية عن دخول أي أحد في حد من عرف الاسم الأعظم ، فلا يشمل إذن غيرهم ولا يتعدى ذلك إلى سواهم .
ثانياً : البسملة لها شرفها ومنزلتها عند الله تعالى ، وهل هي الاسم الأعظم أم لا ؟
أن الاسم الأعظم كما قلنا هو سر الله الذي لا يطلع عليه أحد إلاّ أوليائه المعصومين «عليهم السلام» ، فلا أحد يستطيع المجازفة في الخوض بذلك .
نعم منزلة بسم الله الرحمن الرحيم كمنزلة الاسم الأعظم في سره وفي عظمته، فعن الإمام الرضا «عليه السلام» قال : أن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها .
فهذه المنزلة للبسملة وكونها كالاسم الأعظم يكشف لنا عظمتها عند الله، واستخدامها كالاسم الأعظم يشترط فيه الإيمان والتصديق بأنها كالاسم الأعظم ، ولذا فهذه الرواية ستقرّب لنا هذا المعنى وكون استخدام أي شيء مشروط بالإيمان به والتصديق والتسليم . ففي المناقب قال : أبين إحدى يدي هشام بن عدي الهمداني في حرب صفين فأخذ عليٌ يده وقرأ شيئاً وألصقها فقال : يا أمير المؤمنين ما قرأت ؟ قال : فاتحة الكتاب . فكأنه استقلها ، فانفصلت يده نصفين ، فتركه عليٌّ ومضى . وهذا يعني أن استخدام أي شيء مهما بلغ مشروط بالتسليم والتصديق به . فكذلك هي البسملة وأمثالها من الأسماء والآيات والأدعية .
ثالثاً : إذا قلنا أن « ألم » وأمثالها من الاسم الأعظم فهذا لا يعني إمكانيتنا استخدام هذه الحروف كالاسم الأعظم ، فالاسم الأعظم كما قلنا أسراره مودعة عند أهل البيت «عليهم السلام» ، وللاسم الأعظم تأليف وترتيب يختص به من يحمله من النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» والأئمة «عليهم السلام» ، فمعرفة كونه من الاسم الأعظم لا ينفع وحده دون معرفة تأليفه وترتيبه .
فقد ورد مثلاً : حمسق هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع ، يؤلفه الرسول أو الإمام صلى الله عليهما ، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب . البحار : 89 : 376 فتأليف الاسم الأعظم من الحروف المقطعة هو سرٌ مودع لدى خاصة أوليائه وأصفيائه وهم أئمتنا «عليهم السلام» .
رابعاً : أن لفظ «الله» هو اسم علم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا ، والأسماء الحسنى .
قيل : هو غير مشتق من شيء بل هو علم . وقيل عن سيبويه : هو مشتق وأصله «إله» دخلت عليه الألف واللام فبقي «الإله» ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام وسقطت فبقي «الله» فأسكنت اللام الأولى وأدغمت وفخم تعظيماً ، لكنه يترقق مع كسرة ما قبله . كما في قوله تعالى : « يدعون من دونِ الله » فهنا لفظ الله خفف لسبقه بتخفيف .
فأصله عربي كما علمت مشتق من «إله» أي معبود فقد ورد «كان إلهاً إذ لا مألوه» أي كان معبود قبل أن يعبد . سبحان الله وتعالى عن كل وصفٍ ومثل .
ثانياً : البسملة لها شرفها ومنزلتها عند الله تعالى ، وهل هي الاسم الأعظم أم لا ؟
أن الاسم الأعظم كما قلنا هو سر الله الذي لا يطلع عليه أحد إلاّ أوليائه المعصومين «عليهم السلام» ، فلا أحد يستطيع المجازفة في الخوض بذلك .
نعم منزلة بسم الله الرحمن الرحيم كمنزلة الاسم الأعظم في سره وفي عظمته، فعن الإمام الرضا «عليه السلام» قال : أن بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها .
فهذه المنزلة للبسملة وكونها كالاسم الأعظم يكشف لنا عظمتها عند الله، واستخدامها كالاسم الأعظم يشترط فيه الإيمان والتصديق بأنها كالاسم الأعظم ، ولذا فهذه الرواية ستقرّب لنا هذا المعنى وكون استخدام أي شيء مشروط بالإيمان به والتصديق والتسليم . ففي المناقب قال : أبين إحدى يدي هشام بن عدي الهمداني في حرب صفين فأخذ عليٌ يده وقرأ شيئاً وألصقها فقال : يا أمير المؤمنين ما قرأت ؟ قال : فاتحة الكتاب . فكأنه استقلها ، فانفصلت يده نصفين ، فتركه عليٌّ ومضى . وهذا يعني أن استخدام أي شيء مهما بلغ مشروط بالتسليم والتصديق به . فكذلك هي البسملة وأمثالها من الأسماء والآيات والأدعية .
ثالثاً : إذا قلنا أن « ألم » وأمثالها من الاسم الأعظم فهذا لا يعني إمكانيتنا استخدام هذه الحروف كالاسم الأعظم ، فالاسم الأعظم كما قلنا أسراره مودعة عند أهل البيت «عليهم السلام» ، وللاسم الأعظم تأليف وترتيب يختص به من يحمله من النبي «صلى الله عليه وآله وسلّم» والأئمة «عليهم السلام» ، فمعرفة كونه من الاسم الأعظم لا ينفع وحده دون معرفة تأليفه وترتيبه .
فقد ورد مثلاً : حمسق هو حروف من اسم الله الأعظم المقطوع ، يؤلفه الرسول أو الإمام صلى الله عليهما ، فيكون الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب . البحار : 89 : 376 فتأليف الاسم الأعظم من الحروف المقطعة هو سرٌ مودع لدى خاصة أوليائه وأصفيائه وهم أئمتنا «عليهم السلام» .
رابعاً : أن لفظ «الله» هو اسم علم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا ، والأسماء الحسنى .
قيل : هو غير مشتق من شيء بل هو علم . وقيل عن سيبويه : هو مشتق وأصله «إله» دخلت عليه الألف واللام فبقي «الإله» ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام وسقطت فبقي «الله» فأسكنت اللام الأولى وأدغمت وفخم تعظيماً ، لكنه يترقق مع كسرة ما قبله . كما في قوله تعالى : « يدعون من دونِ الله » فهنا لفظ الله خفف لسبقه بتخفيف .
فأصله عربي كما علمت مشتق من «إله» أي معبود فقد ورد «كان إلهاً إذ لا مألوه» أي كان معبود قبل أن يعبد . سبحان الله وتعالى عن كل وصفٍ ومثل .
السر المستودع هو اسم الله الأعظم.
عندما نراجع الروايات الواردة في شأن أهل البيت عليهم السلام نجد أن مما حظي به الأئمة عليهم السلام ، دون غيرهم هو أنهم يحملون اسم الله الأعظم وهذا ما صرحت به الاحاديث المأثورة عنهم ، حيث خصهم الباري عز وجل بهذا الكرامة العظيمة ، وكما تبين لنا من الرواية المتقدمة ان السر الذي بحوزة أهل البيت هو غير العلم والحكمة التي يتملكها أهل البيت عليهم السلام ، فقد يكون السر الذي يملكونه هو نفسه الاسم الاعظم لله تعالى الذي إذا دعي به أجاب ، والذي يدل على أنهم عندهم اسم الله الاعظم جملة من الروايات الواردة في المقام منها ما ورد عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ان اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فُخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الأسم الاعظم اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(1). وعن النوفلي ، عن أبي الحسن صاحب العسكري عليه السلام قال : سمعته يقول « اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفاً ، كان عند آصف حرف فتكلم به فأنخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ ـ أي مملكة سبأ او مدينة سبأ حيث كان عرش بلقيس ـ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ، ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفه عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب(2).
أقول : وكثيرةٌ هي الأحاديث المأثور عنهم عليهم السلام في هذا الباب حيث خصهم الله تبارك وتعالى بهذه الخصوصية والذي يظهر من هذه الأحاديث انهم افضل مقاماً ومنزلةً من الأنبياء السابقين ، بدلالة هذه الاحاديث ، وكل ما ثبت للأئمة عليهم السلام فهو ثابت للصديقة الشهيدة عليها السلام من حيث كونها أُم الأئمة الاطهار ومن كونها حجة الله على الأئمة وكما
____________
عندما نراجع الروايات الواردة في شأن أهل البيت عليهم السلام نجد أن مما حظي به الأئمة عليهم السلام ، دون غيرهم هو أنهم يحملون اسم الله الأعظم وهذا ما صرحت به الاحاديث المأثورة عنهم ، حيث خصهم الباري عز وجل بهذا الكرامة العظيمة ، وكما تبين لنا من الرواية المتقدمة ان السر الذي بحوزة أهل البيت هو غير العلم والحكمة التي يتملكها أهل البيت عليهم السلام ، فقد يكون السر الذي يملكونه هو نفسه الاسم الاعظم لله تعالى الذي إذا دعي به أجاب ، والذي يدل على أنهم عندهم اسم الله الاعظم جملة من الروايات الواردة في المقام منها ما ورد عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : « ان اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفاً وانما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فُخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السير بيده ، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الأسم الاعظم اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف واحد عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(1). وعن النوفلي ، عن أبي الحسن صاحب العسكري عليه السلام قال : سمعته يقول « اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفاً ، كان عند آصف حرف فتكلم به فأنخرقت له الأرض فيما بينه وبين سبأ ـ أي مملكة سبأ او مدينة سبأ حيث كان عرش بلقيس ـ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان ، ثم انبسطت الأرض في أقل من طرفه عين ، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفاً ، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب(2).
أقول : وكثيرةٌ هي الأحاديث المأثور عنهم عليهم السلام في هذا الباب حيث خصهم الله تبارك وتعالى بهذه الخصوصية والذي يظهر من هذه الأحاديث انهم افضل مقاماً ومنزلةً من الأنبياء السابقين ، بدلالة هذه الاحاديث ، وكل ما ثبت للأئمة عليهم السلام فهو ثابت للصديقة الشهيدة عليها السلام من حيث كونها أُم الأئمة الاطهار ومن كونها حجة الله على الأئمة وكما
____________
سيمر بنا ذلك في شرح هذا الحديث ، وكذلك هناك عدة اشارات في الروايات إلى مسألة أسم الله الأعظم وكيف ان الإمام علي عليه السلام الذي هو كفؤ الزهراء عليها السلام كان يحمل اسم الله الاعظم الذي اذا دعي به أجاب وهذا ما وجدناه في قضية رده الشمس التي غابت في أرض بابل حيث سأله أحد أصحابه يا أمير المؤمنين كيف رددت هذه الشمس ، فقال له سئلت الله تعالى بأسمه الاعظم ان يردها عليها فردها ، وكما ورد في سورة الواقعة ( فسبح باسم ربك العظيم )(1). وعلى هذا الأساس فان كل ما أعطاه الله تبارك وتعالى وخص به أهل البيت عليهم السلام فهو ثابت للزهراء عليها السلام ، فعليه تكون الصديقة الطاهرة حامل لاسم الله الاعظم الذي خصه الله تبارك وتعالى بأهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، فيكون وعلى ما احتمله بل أرجحه على بقية الاحتمالات الاخرى ان السر المستودع في فاطمة هو اسم الله الاعظم ، والذي يدل عليه على ما استفيده من الدعاء الذي بدأنا به البحث « اللهم اني أسألك بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ... » حيث يظهر من هذا الدعاء أولاً التوسل بحق فاطمة... وكذلك التوسل إلى الله تعالى بالسر المستودع ، والتوسل لا يكون إلى الله تعالى إلا بالذي يكون له شأن عند الله عز وجل ، ونبتغي إليه الوسيلة ، فعليه نحتمل أن يكون السر هو اسم الله الاعظم المستودع عند فاطمة عليها السلام ، وأبناؤها وخصوصا هناك شواهد تدلل على ان هذا الاسم لا يخرجونه أهل البيت عليهم السلام الى أحد وكما ورد في الحديث المروي في شأن عمر بن حنظلة حيث قال لأبي جعفر عليه السلام : « إني أظنّ أنّ لي عندك منزلة ، قال : أجل ، قال : قلت فإنّ لي إليك حاجة قال وما هي ؟ قال : قلت تعلمني الأسم الأعظم قال وتطبيقه قلت نعم قال : فادخل البيت قال : فدخل البيت فوضع أبو جعفر عليه السلام يده على الأرض فأظلم البيت فارعدت فرايص عمر فقال : ما تقول اعلمك فقال لا قال : فرفع يده فرجع البيت كما كان »(2).
ويوجد أيضاً شاهد آخر يدل على كون فاطمة عليها السلام تمتلك الاسم الاعظم وذلك عندما قادوا علياً عليه السلام في يوم سقيفة بني ساعدة للبيعة فخرجت نفسي لها الفداء تجر أذيالها
____________
(1) راجع بصائر الدرجات : 5 | 237.
(2) بصائر الدرجات : 4 | 230.
ويوجد أيضاً شاهد آخر يدل على كون فاطمة عليها السلام تمتلك الاسم الاعظم وذلك عندما قادوا علياً عليه السلام في يوم سقيفة بني ساعدة للبيعة فخرجت نفسي لها الفداء تجر أذيالها
____________
(1) راجع بصائر الدرجات : 5 | 237.
(2) بصائر الدرجات : 4 | 230.
خلف ابن عمها وهي تقول خلو ابن عمي أو لاكشفن رأسي للدعاء ، حيث يقول سلمان « فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت : يا أبا بكر أتريد أن ترملني من زوجي ـ والله ـ لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ، ولآتين قبر أبي ، ولأصيحن الى ربي : فأخذت بيد الحسن والحسين عليهما السلام ، وخرجت تريد قبر النبي * ، فقال علي عليه السلام لسلمان : أدرك أبنة محمد * فإني أرى جنبتي المدينة تكفيان ، والله ان نشرت شعرها ، وشقت جيبها ، وأتت قبر أبيها ، وصاحت الى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها ( وبمن فيها ) ، فادركها سلمان رضي الله عنه فقال ، يا بنت محمد ، أن الله بعث أباك رحمة فارجعي فقال : يا سلمان ، يريدون قتل علي ، ما على عليَّ صبر ، فدعني حتى آتي أبي فأنشر شعري ، وأشق جيبي ، وأصبح إلى ربي ، فقال سلمان أني أخاف ان تخسف بالمدينة ، وعلي عليه السلام بعثني إليك ويأمرك ان ترجعي الى بيتك وتنصر في. فقالت : إذا أرجع وأصبر ، وأسمع له وأطيع »(1).
ويظهر من هذه الرواية ان الصديقة الزهراء عليها السلام لو أنها دعت الله تعالى لاستجاب الله دعائها ، فان الإمام علي عليه السلام عندما قال : ( فاني أرى جنبتي المدينة تكفيان ) يعني إشارة إلى أنّها كانت عندها الولاية التكوينية وكما سنقف مع هذا البحث ان شاء الله تعالى ، وعلى كل حال فان الصديقة كانت تحمل الاسم الاعظم ، ولا ضير في ذلك فهي أم أبيها وأم الأئمة الاطهار الذين يحملون الأسم الاعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وهناك اشارة لطيفة في كون فاطمة الزهراء عليها السلام لها أسم مشتق من أسماء الله الحسنى حيث وَرَدَ ذلك في حديث الاشتقاق « هذه فاطمة وأنا فاطر السموات والأرض ، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي ، وفاطم أوليائي عما يعيرهم ويشينهم ، فشققت لها أسماً من أسمي ».
وقال رسول الله * : « أن الله شق لك يا فاطمة اسماً من اسمائه وهو الفاطر وأنت فاطمة » وعليه فان فاطمة وديعة المصطفى ، فاطمة الانسية ، الحوراء مطلع الانوار العلوية ومشكاة الولاية وأم الأئمة وعيبة العلم ووعاء المعرفة . واختتم هذا البحث في
____________
(1) تفسير العياشي : 2 | 66 ح 76 ، البرهان : 2 | 93 ح 4 ، الاختصاص : 181.
أمرٍ قد أستفدته واستنتجته من خلال بعض الروايات الواردة في كتب الحديث كأمثال الكافي والبصائر وغيرهما ، حيث يظهر من خلال الروايات أن أمر كل صالح السريرة * أمر جسيم مقنع بالميثاق لا يستطاع فهمه وادراكه وذكره وهذا الأمر هو ( كما عبرت عنه الرواية ـ « أمرنا » سر في سر وسر مستتر في سر ولا يفيده إلا سر وسر على سّر وسّر مقنع بسر وهو الحق وحق الحق وهو الظاهر وباطن الظاهر وباطن الباطن وهو السر وسر السر وكذلك ورد في الحديث الشريف انه لو قد قام قائمنا لتكلم بهذا الأمر وصدقه القرآن ، وكذلك وجدت ان هذا الأمر ـ وكما ورد في الرواية ـ هو الذي جعل الملائكة مقربين وغيرُ مقربين والأنبياء مرسلين وغير مرسلين والمؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ، وعليه يكون الأمر هو السر، فما هو السر ؟؟؟...
( إنما أمره إذا اراد شيء ان يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ).
( إنما أمره إذا اراد شيء ان يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ).
اسم الله الأعظم ليس كما يصوره هؤلاء أنه شيء مخفي غيبي هم فقط الذين يعلمون طريق الوصول إليه ، ولكن أسماء الله كلها حسني وكلها عظمي ، وقد وصف الله أسماءه بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الأول في سورة الأعراف ( وَلِلهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الذِينَ يُلحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) والثاني في سورة الإسراء ( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ) والثالث في سورة طه ( وَإِنْ تَجْهَرْ بِالقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى ) والرابع في سورة الحشر ( هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) (الحشر:24).
ووجه الحسن في أسماء الله أنها دالة على ذات الله ، فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأقدس مسمى وهو الله عز وجل ، فهي بالغة في الحسن من جهة الكمال والجمال ، ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكرام ) (الرحمن:78) فلله ولأسمائه منتهى العظمة والجلال ، وذلك لأن أسماءه متضمنة لصفاته الكاملة التي لا نقص فيها بحال من الأحوال ، فاسم الله الحي متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال ، الحياة التي تستلزم كمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر ، واسمه العليم متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى : ( قَالَ عِلمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) (طه:52) وهو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه قال الله تعالى : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) (الأنعام:59) ، واسمه الرحمن متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم :
( اللّهُ أرحمُ بعبادِه من هذهِ بولَدِها ) ، وذلك أن أمرة وقعت في السبي ففقدت صبيها وتضررت باجتماع اللبن في ثديها ، فكانت إذا وجدت صبيا أرضعته ليخفف عنها ، فلما وجدت صبيها بعينه أخذته فالتزمته ، فألصَقَتْه ببَطنها وأرضَعَتْه ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فقال لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أتُرَونَ هذهِ طارحةً وَلدَها في النار ؟ قلنا: لا ، وهي تَقدِر على أن لا تَطرَحهُ ، فقال : اللّهُ أرحمُ بعبادِه من هذهِ بولَدِها.
واسم الله الرحمن كما أنه متضمن للرحمة الكاملة فإنه متضمن أيضا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُل شَيْءٍ ) ، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين : ( الذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُل شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلماً فَاغْفِرْ لِلذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ ) (غافر:7) .
وجميع الأسماء حسنى وعظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد ، فاسم الله الأعظم في حال الفقر الغني ، وفي حال الضعف القوى ، وفي حال الجهل العليم ، وفي حال السعي والكسب الرزاق ، وفي حال الذنب التواب الغفور الرحيم ، وفي حال الحرب وقتال العدو فنعم المولى ونعم النصير ، وهكذا كل اسم هو الأعظم في موضعه ، على حسب حالة العبد وما ينفعه ، والله عز وجل أسماؤه لا تحصى ولا تعد ، هو الوحيد الذي يعلم عددها ، كما ورد من حديث ابن مسعود في صحيح بن حبان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلقِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ ) لكن الله عز وجل من حكمته أنه يعطي كل مرحلة من مراحل خلقه ، معرفة ما يناسبها من أسمائه وأوصافه ، وتظهر فيها دلائل كماله وجماله وجلاله ، ففي مرحلتنا مرحلة الابتلاء ، مرحلة الدنيا وما فيها من شهوات وأهواء ، وحكمة الله في تكليفنا بالشرائع والأحكام ، والحلال والحرام ، في هذه المرحلة عرفنا الله بجملة من أسمائه تتناسب مع متطلباتنا وعلاقتنا بالله ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ).
فالحياة لما كانت دار للابتلاء ومحلا للبلاء ، الناس فيها مختلفون آجالا وأرزاقا ، ألوانا وأخلاقا ، منهم الغني والفقير ، الصحيح والعليل ، الأعمى البصير ، الجاهل والخبير ، منهم الجبار والذليل ، القوى والضعيف ، الغليظ واللطيف ، منهم الظالم والمظلوم ، والحاكم والمحكوم ، المالك والمعدوم ، منهم الكاذب والصادق ، المخلص والمنافق ، إلى غير ذلك من أنواع الأخلاق وتنوع الأرزاق ، واختلاف السلوك ، وابتلاء ملك الملوك ، لما كانت الدنيا كذلك ، كانت حكمة الله في تعريف الخلائق ، بما يناسبهم من أسمائه فالمذنب إن أراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا ، والمظلوم سيجد الله حقا مبينا ، حكما عدلا وليا نصيرا ، والضعيف سيجد الله قويا قديرا ، والمقهور سيجد الله عزيزا جبارا ، والفقير سيجد الله رزاقا كفيلا وكيلا ، وهكذا سيجد العباد من الأسماء ما ينسب حاجتهم ومطالبهم ، فالفطرة اقتضت أن تلجأ النفوس إلى قوة عليا عند ضعفها ، وغينا أعلى عند فقرها ، وتوابا رحيما عند ذنبها ، وسميعا بصيرا قريبا مجيبا عند سؤالها ، ومن هنا كانت لكل مرحلة ما يناسبها من أسما الله وصفاته ، ألا ترى أنه في البدء عندما أسكن الله آدم وحواء في جنة الابتلاء ، فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة مخرجا وفرجا ، وكان الفرج والمخرج في أسما الله التي تناسب حالهما وتغفر ذنبهما ، فعلمه الله كلمات ، ما هي هذه الكلمات ؟ أسماء لله وصفات ، علمه أن يدعوه باسمه التواب الرحيم ، ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (البقرة:37) أَي تَعَلمها ودعا بها ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ) (لأعراف:23).
وعند البيهقي من حديث أنس في قوله عز وجل : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) قال : سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم .
فطالما أن الدنيا للابتلاء فإن الله قد عرفنا بما يناسبهما ويناسبنا من الأسماء ، وهذه الأسماء ربما لا ينفع الدعاء بها في مرحة أخري كمرحلة الآخر ، فلو دعا الكافرون والمشركون ربهم يوم القيامة باسمه الغفور التواب ، أن يغفر لهم ويرحمهم من العذاب لما استجيب لهم ، لأن كل مرحلة لها ما يناسبها من الحكم وإبداء الأسماء ، ولذلك فإنه عند مجيء الحق للفصل بين الخلق يوم القيامة ، يغضب غضبا شديدا لم يَغضَبْ قبلَه مثله ، ولن يَغضبَ بعدَهُ مثلَه ، فيبلُغُ الناسَ من الغمِّ والكَرَبِ ما لا يُطيقون ولا يَحتمِلون ، فيبحثون عن شفيع لكن الأنبياء يتخلفون ، إلا صاحب المقام المحمود ، يقول أنا لها عندها ، كما ورد في صحيح البخاري ومسلم يقول :
( فأنطِلقُ ، فآتي تحتَ العرش فأقَعُ ساجِداً لربي عزَّ وجل، ثمَّ يَفتح اللهُ عليَّ من مَحامِدِه وحُسنِ الثناءِ عليهِ شيئاً لم يَفتحْهُ على أحدٍ قبلي ، ثم يُقال : يا محمد ، ارفَعْ رأسك ، سَل تُعطَهْ ، واشفعْ تُشَفع ) وتلك المحامد كما ذكر ابن القيم ذكر لله ودعائه بأسماء وصفات لم يعرفها لأحد من خلقه .
فأسماء الله كلها حسنى وكلها عظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد ، كابتلاء لهم في الاستعانة بالله والصدق مع الله ، والخوف منه والرغبة إليه والتوكل عليه وغير ذلك من معاني توحيد العبودية لله ، حتى يجتهد العباد في الطاعة ويسارعون في الخيرات ، والنبي صلى الله عليه وسلم أيضا لم يبين التسعة والتسعين اسما على وجه العد والتفصيل ، للاجتهاد في البحث والتحصيل ، فذلك لحكمة بالغة ، وأنوار ساطعة ، أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترفع الدرجات وتتفاوت المنازل في الجنات ، فيلزم لحفظها إحصاؤها واستيفاؤها ، ثم الإحاطة بمعانيها ، والعمل بمقتضاها ، ثم دعاء الله من خلالها ، وحسن المراعاة لأحكامها .
ووجه الحسن في أسماء الله أنها دالة على ذات الله ، فكانت حسنى لدلالتها على أحسن وأعظم وأقدس مسمى وهو الله عز وجل ، فهي بالغة في الحسن من جهة الكمال والجمال ، ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكرام ) (الرحمن:78) فلله ولأسمائه منتهى العظمة والجلال ، وذلك لأن أسماءه متضمنة لصفاته الكاملة التي لا نقص فيها بحال من الأحوال ، فاسم الله الحي متضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال ، الحياة التي تستلزم كمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر ، واسمه العليم متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى : ( قَالَ عِلمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) (طه:52) وهو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه قال الله تعالى : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) (الأنعام:59) ، واسمه الرحمن متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم :
( اللّهُ أرحمُ بعبادِه من هذهِ بولَدِها ) ، وذلك أن أمرة وقعت في السبي ففقدت صبيها وتضررت باجتماع اللبن في ثديها ، فكانت إذا وجدت صبيا أرضعته ليخفف عنها ، فلما وجدت صبيها بعينه أخذته فالتزمته ، فألصَقَتْه ببَطنها وأرضَعَتْه ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : فقال لنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم : أتُرَونَ هذهِ طارحةً وَلدَها في النار ؟ قلنا: لا ، وهي تَقدِر على أن لا تَطرَحهُ ، فقال : اللّهُ أرحمُ بعبادِه من هذهِ بولَدِها.
واسم الله الرحمن كما أنه متضمن للرحمة الكاملة فإنه متضمن أيضا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُل شَيْءٍ ) ، وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين : ( الذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُل شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلماً فَاغْفِرْ لِلذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الجَحِيمِ ) (غافر:7) .
وجميع الأسماء حسنى وعظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد ، فاسم الله الأعظم في حال الفقر الغني ، وفي حال الضعف القوى ، وفي حال الجهل العليم ، وفي حال السعي والكسب الرزاق ، وفي حال الذنب التواب الغفور الرحيم ، وفي حال الحرب وقتال العدو فنعم المولى ونعم النصير ، وهكذا كل اسم هو الأعظم في موضعه ، على حسب حالة العبد وما ينفعه ، والله عز وجل أسماؤه لا تحصى ولا تعد ، هو الوحيد الذي يعلم عددها ، كما ورد من حديث ابن مسعود في صحيح بن حبان ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلقِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ ) لكن الله عز وجل من حكمته أنه يعطي كل مرحلة من مراحل خلقه ، معرفة ما يناسبها من أسمائه وأوصافه ، وتظهر فيها دلائل كماله وجماله وجلاله ، ففي مرحلتنا مرحلة الابتلاء ، مرحلة الدنيا وما فيها من شهوات وأهواء ، وحكمة الله في تكليفنا بالشرائع والأحكام ، والحلال والحرام ، في هذه المرحلة عرفنا الله بجملة من أسمائه تتناسب مع متطلباتنا وعلاقتنا بالله ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ).
فالحياة لما كانت دار للابتلاء ومحلا للبلاء ، الناس فيها مختلفون آجالا وأرزاقا ، ألوانا وأخلاقا ، منهم الغني والفقير ، الصحيح والعليل ، الأعمى البصير ، الجاهل والخبير ، منهم الجبار والذليل ، القوى والضعيف ، الغليظ واللطيف ، منهم الظالم والمظلوم ، والحاكم والمحكوم ، المالك والمعدوم ، منهم الكاذب والصادق ، المخلص والمنافق ، إلى غير ذلك من أنواع الأخلاق وتنوع الأرزاق ، واختلاف السلوك ، وابتلاء ملك الملوك ، لما كانت الدنيا كذلك ، كانت حكمة الله في تعريف الخلائق ، بما يناسبهم من أسمائه فالمذنب إن أراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا ، والمظلوم سيجد الله حقا مبينا ، حكما عدلا وليا نصيرا ، والضعيف سيجد الله قويا قديرا ، والمقهور سيجد الله عزيزا جبارا ، والفقير سيجد الله رزاقا كفيلا وكيلا ، وهكذا سيجد العباد من الأسماء ما ينسب حاجتهم ومطالبهم ، فالفطرة اقتضت أن تلجأ النفوس إلى قوة عليا عند ضعفها ، وغينا أعلى عند فقرها ، وتوابا رحيما عند ذنبها ، وسميعا بصيرا قريبا مجيبا عند سؤالها ، ومن هنا كانت لكل مرحلة ما يناسبها من أسما الله وصفاته ، ألا ترى أنه في البدء عندما أسكن الله آدم وحواء في جنة الابتلاء ، فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة مخرجا وفرجا ، وكان الفرج والمخرج في أسما الله التي تناسب حالهما وتغفر ذنبهما ، فعلمه الله كلمات ، ما هي هذه الكلمات ؟ أسماء لله وصفات ، علمه أن يدعوه باسمه التواب الرحيم ، ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (البقرة:37) أَي تَعَلمها ودعا بها ( قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ) (لأعراف:23).
وعند البيهقي من حديث أنس في قوله عز وجل : ( فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) قال : سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم .
فطالما أن الدنيا للابتلاء فإن الله قد عرفنا بما يناسبهما ويناسبنا من الأسماء ، وهذه الأسماء ربما لا ينفع الدعاء بها في مرحة أخري كمرحلة الآخر ، فلو دعا الكافرون والمشركون ربهم يوم القيامة باسمه الغفور التواب ، أن يغفر لهم ويرحمهم من العذاب لما استجيب لهم ، لأن كل مرحلة لها ما يناسبها من الحكم وإبداء الأسماء ، ولذلك فإنه عند مجيء الحق للفصل بين الخلق يوم القيامة ، يغضب غضبا شديدا لم يَغضَبْ قبلَه مثله ، ولن يَغضبَ بعدَهُ مثلَه ، فيبلُغُ الناسَ من الغمِّ والكَرَبِ ما لا يُطيقون ولا يَحتمِلون ، فيبحثون عن شفيع لكن الأنبياء يتخلفون ، إلا صاحب المقام المحمود ، يقول أنا لها عندها ، كما ورد في صحيح البخاري ومسلم يقول :
( فأنطِلقُ ، فآتي تحتَ العرش فأقَعُ ساجِداً لربي عزَّ وجل، ثمَّ يَفتح اللهُ عليَّ من مَحامِدِه وحُسنِ الثناءِ عليهِ شيئاً لم يَفتحْهُ على أحدٍ قبلي ، ثم يُقال : يا محمد ، ارفَعْ رأسك ، سَل تُعطَهْ ، واشفعْ تُشَفع ) وتلك المحامد كما ذكر ابن القيم ذكر لله ودعائه بأسماء وصفات لم يعرفها لأحد من خلقه .
فأسماء الله كلها حسنى وكلها عظمى على اعتبار ما يناسبها من أحوال العباد ، كابتلاء لهم في الاستعانة بالله والصدق مع الله ، والخوف منه والرغبة إليه والتوكل عليه وغير ذلك من معاني توحيد العبودية لله ، حتى يجتهد العباد في الطاعة ويسارعون في الخيرات ، والنبي صلى الله عليه وسلم أيضا لم يبين التسعة والتسعين اسما على وجه العد والتفصيل ، للاجتهاد في البحث والتحصيل ، فذلك لحكمة بالغة ، وأنوار ساطعة ، أن يطلبها الناس ويتحروها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترفع الدرجات وتتفاوت المنازل في الجنات ، فيلزم لحفظها إحصاؤها واستيفاؤها ، ثم الإحاطة بمعانيها ، والعمل بمقتضاها ، ثم دعاء الله من خلالها ، وحسن المراعاة لأحكامها .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل
فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد
إن محمدا عبده ورسوله 0 أما بعد 0
فإن هذا البحث يرتكز على خمسة أحاديث نبوية هي فقط ما صح في اسم الله الأعظم وما عداها مما ذكر فيه الاسم الأعظم فهي ما بين ضعيف وموضوع....
الحديث الأول
عن عبدالله بن بريده عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال : ( لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى , وإذا دعي به أجاب ) رواه أبو داوود وغيره وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح : 1640(2/280)
الحديث الثاني
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك , المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد سألت الله باسمه الأعظم , الذي إذا دعي به
أجاب , وإذا سئل به أعطى )
رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح:1641(2/280)
الحديث الثالث
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة ورجل قائم يصلي , فلما ركع وسجد تشهد ودعا , فقال في دعائه : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام , يا حي يا قيوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به
أجاب , وإذا سئل به أعطى )
رواه الحاكم وغيره وصححه سليم الهلالي في صحيح الوابل الصيب (ص285)
الحديث الرابع
عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " .( البقرة : 163) و فاتحة ( آل عمران ) " ألم . الله لا إله إلا هو الحي القيوم " )
رواه أبو داوود وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع ح : 980(1/229)وصححه الترمذي والسيوطي . وحسنه بشواهده الشيخ الغصن في كتابه أسماء الله الحسنى ..
وقواه في الشواهد الأرنؤوط في تخريجه لزاد المعاد..
الحديث الخامس
عن أبي أمامه رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور من القرآن : في ( البقرة ) و (آل عمران ) و (طه) ) رواه بن ماجه وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع ح:979(1/228).
وبالنظر في هذه الأحاديث النبوية ومحاولة الجمع بينها ، يتبدى لنا السر الأعظم المكنون في هذه الأحاديث .
فبالنظر للحديث الأول والثاني والرابع نجد شيئا واحدا قد تكرر في هذه الأحاديث الثلاثة ألا وهو كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) إضافة إلى اسم ( الأحد ) في الحديث الأول , وفي الحديث الثاني جاء بعد كلمة الإخلاص الوصف ب (وحدك لا شريك
لك ) , وفي الحديث الرابع وتحديدا آية البقرة 163, جاء إضافة إلى كلمة الإخلاص , وصفه تعالى بأنه ( إله واحد ) , واسم (الأحد) كما في الحديث الأول و ( وحدك لا شريك لك ) كما في الحديث الثاني ووصفه تعالى بأنه (إله واحد) كما في آية البقرة 163في الحديث الرابع ....
الكل يفيد معنى واحد ... وهو تفرده عز وجل وتوحده في الألوهية والربوبية , والأسماء والصفات ..
فثبت لدينا أن اسم الله الأعظم في سورة البقرة هو...( لا إله إلا الله , الواحد ) أو (لا إله إلا الله الأحد ) أو ( لاإله الا الله , وحده لا شريك له ) فالكل ثبت به الدليل والكل بنفس المعنى..
.......................................
ولا معنى لقول من قال أن اسم الله الأعظم هو لفظ الجلاله (الله) أو كلمة الإخلاص بدعوى أنها ذكرت في جميع الأحاديث , فإن من قال هذا القول أهدر فائدة قوله عليه الصلاة و السلام في الحديث الخامس (( حديث أبو أمامه أن الاسم الأعظم في ثلاث سور من القرآن ))
حيث أن لفظ الجلاله في غالبية سور القرآن بل ربما في أغلب آيات السورة الواحدة وكذا كلمة الاخلاص في كثير من سور القرآن فتبين أن المراد أمرا وراء ذلك , نعم كلمة الإخلاص مراده ولكن الاسم الأعظم يحوي إضافة إليهما اسما أو وصفا من أسمائه وأوصافه الحسنى...
وبالنظر للحديث الثالث نجد أنه يشترك مع الحديث الرابع ( وتحديدا أية آل عمران ) في احتواء كل منهما على كلمة الإخلاص واسمي (الحي القيوم ) فثبت لدينا أن الاسم الأعظم في سورة( آل عمران) هو ( لا إله إلا الله الحي القيوم )
.........................................
يبقى شبهة قول من قال أن اسم الله الأعظم هو فقط ( الحي القيوم ) بدعوى أنه تكرر في البقرة وآل عمران وطه فيكفينا لنسف هذا القول من أساسه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت لمن دعا في الحديث الأول والثاني أنه قد سأل الله بالاسم الأعظم مع خلوهما من ( الحي القيوم ) وكذلك الحديث الرابع أيضا يرد هذا القول...
.................................................. .............
كلمــــــة الســــــــر
وكلمة السر في هذا الأمر ان كلا من الحديث الأول والثاني والثالث اجتهادات من قائليها أي جميع ألفاظها غير مراده , بل المراد من هذه الألفاظ ما تقاطع ( أي كان مشترك ) فقط مع ألفاظ الحديث الرابع ....
أما عن اسم الله الأعظم في سورة طه , فقياسا على اسم الله الأعظم في البقرة وآل عمران , من حيث أنه مركب من كلمة الإخلاص إضافة إلى اسم أو وصف من أسمائه وأوصافه الحسنى نعلم يقينا أنه في الأية رقم 98وهي قوله تعالى على لسان موسى عليه الصلاة و السلام ( إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما )
الخلاصـــــة
الاسم الأعظم في سورة ( البقرة )
لا إله إلا أنت , وحدك لا شريك لك
أو ....... لا اله إلا أنت , الأحد
أو ....... لا إله إلا أنت , الواحد
.................................................. ............
الاسم الأعظم في سورة ( آل عمران ) :
لا إله إلا أنت , الحي القيوم .
.................................................. ...........
الاسم الأعظم في سورة ( طــــــــه ) :
لا إله إلا أنت , وسعت كل شيء علما .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل
فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد
إن محمدا عبده ورسوله 0 أما بعد 0
فإن هذا البحث يرتكز على خمسة أحاديث نبوية هي فقط ما صح في اسم الله الأعظم وما عداها مما ذكر فيه الاسم الأعظم فهي ما بين ضعيف وموضوع....
الحديث الأول
عن عبدالله بن بريده عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال : ( لقد سألت الله بالاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى , وإذا دعي به أجاب ) رواه أبو داوود وغيره وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح : 1640(2/280)
الحديث الثاني
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي وهو يصلي وهو يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك , المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد سألت الله باسمه الأعظم , الذي إذا دعي به
أجاب , وإذا سئل به أعطى )
رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح:1641(2/280)
الحديث الثالث
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة ورجل قائم يصلي , فلما ركع وسجد تشهد ودعا , فقال في دعائه : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام , يا حي يا قيوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به
أجاب , وإذا سئل به أعطى )
رواه الحاكم وغيره وصححه سليم الهلالي في صحيح الوابل الصيب (ص285)
الحديث الرابع
عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " .( البقرة : 163) و فاتحة ( آل عمران ) " ألم . الله لا إله إلا هو الحي القيوم " )
رواه أبو داوود وغيره وحسنه الألباني في صحيح الجامع ح : 980(1/229)وصححه الترمذي والسيوطي . وحسنه بشواهده الشيخ الغصن في كتابه أسماء الله الحسنى ..
وقواه في الشواهد الأرنؤوط في تخريجه لزاد المعاد..
الحديث الخامس
عن أبي أمامه رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور من القرآن : في ( البقرة ) و (آل عمران ) و (طه) ) رواه بن ماجه وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع ح:979(1/228).
وبالنظر في هذه الأحاديث النبوية ومحاولة الجمع بينها ، يتبدى لنا السر الأعظم المكنون في هذه الأحاديث .
فبالنظر للحديث الأول والثاني والرابع نجد شيئا واحدا قد تكرر في هذه الأحاديث الثلاثة ألا وهو كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) إضافة إلى اسم ( الأحد ) في الحديث الأول , وفي الحديث الثاني جاء بعد كلمة الإخلاص الوصف ب (وحدك لا شريك
لك ) , وفي الحديث الرابع وتحديدا آية البقرة 163, جاء إضافة إلى كلمة الإخلاص , وصفه تعالى بأنه ( إله واحد ) , واسم (الأحد) كما في الحديث الأول و ( وحدك لا شريك لك ) كما في الحديث الثاني ووصفه تعالى بأنه (إله واحد) كما في آية البقرة 163في الحديث الرابع ....
الكل يفيد معنى واحد ... وهو تفرده عز وجل وتوحده في الألوهية والربوبية , والأسماء والصفات ..
فثبت لدينا أن اسم الله الأعظم في سورة البقرة هو...( لا إله إلا الله , الواحد ) أو (لا إله إلا الله الأحد ) أو ( لاإله الا الله , وحده لا شريك له ) فالكل ثبت به الدليل والكل بنفس المعنى..
.......................................
ولا معنى لقول من قال أن اسم الله الأعظم هو لفظ الجلاله (الله) أو كلمة الإخلاص بدعوى أنها ذكرت في جميع الأحاديث , فإن من قال هذا القول أهدر فائدة قوله عليه الصلاة و السلام في الحديث الخامس (( حديث أبو أمامه أن الاسم الأعظم في ثلاث سور من القرآن ))
حيث أن لفظ الجلاله في غالبية سور القرآن بل ربما في أغلب آيات السورة الواحدة وكذا كلمة الاخلاص في كثير من سور القرآن فتبين أن المراد أمرا وراء ذلك , نعم كلمة الإخلاص مراده ولكن الاسم الأعظم يحوي إضافة إليهما اسما أو وصفا من أسمائه وأوصافه الحسنى...
وبالنظر للحديث الثالث نجد أنه يشترك مع الحديث الرابع ( وتحديدا أية آل عمران ) في احتواء كل منهما على كلمة الإخلاص واسمي (الحي القيوم ) فثبت لدينا أن الاسم الأعظم في سورة( آل عمران) هو ( لا إله إلا الله الحي القيوم )
.........................................
يبقى شبهة قول من قال أن اسم الله الأعظم هو فقط ( الحي القيوم ) بدعوى أنه تكرر في البقرة وآل عمران وطه فيكفينا لنسف هذا القول من أساسه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت لمن دعا في الحديث الأول والثاني أنه قد سأل الله بالاسم الأعظم مع خلوهما من ( الحي القيوم ) وكذلك الحديث الرابع أيضا يرد هذا القول...
.................................................. .............
كلمــــــة الســــــــر
وكلمة السر في هذا الأمر ان كلا من الحديث الأول والثاني والثالث اجتهادات من قائليها أي جميع ألفاظها غير مراده , بل المراد من هذه الألفاظ ما تقاطع ( أي كان مشترك ) فقط مع ألفاظ الحديث الرابع ....
أما عن اسم الله الأعظم في سورة طه , فقياسا على اسم الله الأعظم في البقرة وآل عمران , من حيث أنه مركب من كلمة الإخلاص إضافة إلى اسم أو وصف من أسمائه وأوصافه الحسنى نعلم يقينا أنه في الأية رقم 98وهي قوله تعالى على لسان موسى عليه الصلاة و السلام ( إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما )
الخلاصـــــة
الاسم الأعظم في سورة ( البقرة )
لا إله إلا أنت , وحدك لا شريك لك
أو ....... لا اله إلا أنت , الأحد
أو ....... لا إله إلا أنت , الواحد
.................................................. ............
الاسم الأعظم في سورة ( آل عمران ) :
لا إله إلا أنت , الحي القيوم .
.................................................. ...........
الاسم الأعظم في سورة ( طــــــــه ) :
لا إله إلا أنت , وسعت كل شيء علما .
سمّي بالاسم الأعظم أصلاً لأن أسماؤه تعالى كلها عظيمة ومن قائل بذلك وهؤلاء اختلفوا في تعيينه ولقد جمع الإمام السيوطي تلك الأقوال حتى أوصلها إلى عشرين قولاً .
هذا وإن قلنا بأن لله تعالى اسماً أعظماً فلا يعني ذلك أن غيره ليس بعظيم فنحن نؤمن بأن أسمائه تعالى كلها عظمى ولكن التفاضل في العظمة يجعل منها عظمى وأعظم ولقد سأل رجل أبا يزيد البسطامي رضي الله تعالى عنه عن اسم الله الأعظم فقال: أرني الاسم الأصغر حتى أريك الاسم الأعظم.
والتحقيق عند الصوفية أن اسم الله الأعظم جوهرة مكنونة صانها الله تعالى عمن ليس أهلاً لها يطلبها الصادقون من عباده فهو أي الاسم الأعظم حال يتحقق به العبد لا قال ينطق به ويذكره .
روى أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيد البسطامي أنه سأل رجل عن الاسم الأعظم فقال : ليس له حد محدود إنما هو فراغ قلبك لوحدانيته فإذا كنت كذلك فافزع إلى أي اسم شئت فإنك تسير به إلى المشرق والمغرب .
وما عناه أن الاسم الأعظم هو تجلي معنى الوحدانية على قلب العبد فلم يبق للسوى وجود فهو بذلك حال يصله العبد لا قال ينطق به ويردده .
وروى أبو نعيم في الحلية أيضاً عن أبي سليمان الداراني قال : سألت بعض المشايخ عن اسم الله الأعظم قال : تعرف قلبك قلت : نعم قال : فإذا رأيته قد أقبل ورقَّ فسل الله حاجتك فذاك الاسم الأعظم .
ألا ترى أن رقة القلب هي المعول عليها وأن الدعاء بأسمائه مشروطة برقة القلب حتى يسمى بالاسم الأعظم.
وأخرج أيضاً عن ابن الربيع السائح أن رجلاً قال له: علمني الاسم الأعظم قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أطع الله يطعك كل شيء.فمن هذا يتبين أن الاسم الأعظم حالة ذوقية وجدانية يتحقق بها المريد بعد طول جهاد ومصابرة بحيث يصير الحق سبحانه مشهوداً في كل الأنفاس فأنى نظر فثم وجه الله وهذا هو ما يسمى عند أهل الله بمقام الفناء وهو المنصوص عليه في الحديث الذي رواه مسلم عن سيدنا عمر وفيه : ثم سأل عن الإحسان ، قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
يروى عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي أنه جاء إلى شيخه عبد السلام بن مشيش وفي ذهنه أن يسأله عن اسم الله الأعظم وكان في حجر سيدي عبد السلام بن مشيش غلام فقام إلى أبي الحسن وقال : تريد أن تسأل الشيخ عن الاسم الأعظم ؟ هو أن تصير أنت الاسم الأعظم .
غير أن هذا المقام لا ينال إلا بذكر اللسان أولاً ثم الجنان ثم الشهود والعيان.
فلا بد إذن من اسم من أسماء الله تعالى يكثر المريد من ترديده وذكره حتى تنكشف له الحجب ويذوق لذة القرب ولقد رأى كثير من أهل العلم أن الاسم الذي ينقلك إلى التحقق باسم الله الأعظم هو لفظ الجلالة ( الله ) ومنهم سادتنا في الطريقة الشاذلية فلقد عرف عندهم الذكر باسم الجلالة ( الله ) مع مد الصوت ( الله ) حتى ينقطع النفس ويسمى بالورد الخاص يؤذن به المريد بعد إدخاله الخلوة ليبقى على صلة بهذا الاسم صباحاً ومساءً وفي أوقات الفراغ .
الدليل على جواز الذكر باسم ( الله ) :
قال الله تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)-الإنسان 25- ويقول : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا)-المزمل8- والاسم الجامع العام الأشهر هو ( الله ) .
قال الله تعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)-الأعراف180- والدعاء ذكر والذكر دعاء وكلاهما يشمل ترديد اسمه تعالى مفرداً ومجرداً ومنها اسم الجلالة(الله)
قال الله تعالى : (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ )-الاسراء110- أي : أي اذكره تعالى باسمه ( الله ) أو اسمه ( الرحمن ) .
قال تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)-الأعلى1- أي قدس اسم ربك عن النقص في الزمان والمكان والإمكان وإسم ربك هو ( الله ) .
قال تعالى: (قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)-الأنعام91- وهذا أمر صريح بذكر اسم الجلالة ( الله ).
في صحيح مسلم: ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول: الله الله ) أي ذكراً ومعرفة ولو لم يكن في هذا الباب إلا هذا الدليل لكفى.
هذا ولفظ الجلالة هو الاسم المفرد غير المشتق وهو لا يثنّى ولا يجمع ولا يسمى به غير الله وهو يوصف كل الأسماء الحسنى ولا يكون وصفاً لها وعدد مرات وروده في القرآن لا يضاهيها اسم سواه.وهو اسم تام من ذاته فأي حرف أسقطته من بنائه بقي منه ما يدل على الألوهية أو يشير إليها.
كذلك هو الاسم الأوحد الذي يدل على الذات بالذات وبقية الأسماء دلالات على المعاني والصفات وكلها تصلح للخلق إلا اسمه تعالى ( الله ) فهو العلم الأقدس على الألوهية لا سواها .
الشق الثاني من السؤال: ما معنى تلقين الاسم الأعظم ؟.
الجواب: لئن كان الاسم الأعظم هو إفراغ القلب لوحدانيته وذكره في كل الأنفاس حتى يتحقق بالإحسان فأينما تولى فثم وجه الله يشهده فالتلقين هو وضع المريد في هذا المقام وهذا لا يكون إلا لمن سبقت له من الله الخصوصية.
أخرج مسلم عن سيدنا أُبي بن كعب قال : كنت في المسجد فدخل رجل فصلّى فقرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فلمّا قضيا الصلاة دخلنا جميعاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه فدخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ فحسَّن النبي شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله ما غشيني ضرب في صدري ففضت عرقاً وكأني أنظر إلى الله عز وجل فرقاً ).
ولنقف على موضع الشاهد من الحديث (وكأني أنظر إلى الله عز وجل فرقاً ) هذا هو ما يسمى عند الصوفية بمقام الشهود وهو نفسه مقام الإحسان ، وانظر إلى اللفظين المتقاربين فهناك ( كأنك تراه ) وهنا ( كأني أنظر )فهو ليس رؤية وليس نظر فجَلَّ الله عز وجل عن الإحاطة والإدراك ولكنه مثلهما يعجز العقل والفكر عن وصفه فلا يجد اللسان لذلك إلا تشبيهه بالرؤية والنظر
وفي هذا الحديث دليل على تلقين النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بن كعب الاسم الأعظم حتى زجه في النور فلا يرى ما سواه إذ لا غير مع وجوده.
وعلى هذا الحال تحققاً وتحقيقاً رجال ورثوا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرج الإمام أحمد في مسنده: ( العلماء ورثة الأنبياء ) فحال الأنبياء وقالهم موروث الأول لمن سمّوا بالصوفية والثاني لمن سُمُّوا بالفقهاء.
قال سيدي ابن عطاء الله السكندري في وصف الشيخ :
( شيخك هو الذي ما زال يجلوا مرآة قلبك حتى تجلت فيها أنوار ربك، أنهضك إلى الله فنهضت إليه وسار بك حتى وصلت إليه وما زال غازياً لك حتى ألقاك بين يديه فزجَّ بك في نور الحضرة وقال: ها أنت وربك ).
والشيخ بخصوصيته يضع المريدين في مقام الاسم الأعظم كلٌ على قدر همته فمنهم بنظرة ومنهم بأنفاس معدودة وغالباً ما يكون ذلك بإدخالهم الخلوة وهي:
انعزال في مسجد أو غيره من أجل ذكر لفظ الجلالة ( الله ) مع مد الصوت حتى ينقطع النفس.
يبدأ المريد بتشخيص حروف الاسم الذي وضع أمامه وقد كتب باللون الأبيض.
إذا ما تشخص الاسم ارتحلت الغفلة وعرج المريد بروحه في ملكوت السموات حتى العرش والكرسي والأقلام .
ثم يدخل مقام الجبروت ويذوق طعم المعرفة بالله .
وبعد ذلك يعود إلى مقام البقاء بعد الفناء ليكون مع الناس بجسده ومع الخالق بقلبه.
يؤمر بعد الخلوة بالمحافظة على ذكر الاسم ( الله ) صباحاً ومساءً حتى يبقى على صلة بالله سبحانه وتعالى .
وعندها يعيش في مقام الملك المحمدي ويؤمر بالتمسك الكامل بالشريعة المحمدية إذ عنوان الطريق حسن الإتباع لسيد الكائنات سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم.
هذا وإن قلنا بأن لله تعالى اسماً أعظماً فلا يعني ذلك أن غيره ليس بعظيم فنحن نؤمن بأن أسمائه تعالى كلها عظمى ولكن التفاضل في العظمة يجعل منها عظمى وأعظم ولقد سأل رجل أبا يزيد البسطامي رضي الله تعالى عنه عن اسم الله الأعظم فقال: أرني الاسم الأصغر حتى أريك الاسم الأعظم.
والتحقيق عند الصوفية أن اسم الله الأعظم جوهرة مكنونة صانها الله تعالى عمن ليس أهلاً لها يطلبها الصادقون من عباده فهو أي الاسم الأعظم حال يتحقق به العبد لا قال ينطق به ويذكره .
روى أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيد البسطامي أنه سأل رجل عن الاسم الأعظم فقال : ليس له حد محدود إنما هو فراغ قلبك لوحدانيته فإذا كنت كذلك فافزع إلى أي اسم شئت فإنك تسير به إلى المشرق والمغرب .
وما عناه أن الاسم الأعظم هو تجلي معنى الوحدانية على قلب العبد فلم يبق للسوى وجود فهو بذلك حال يصله العبد لا قال ينطق به ويردده .
وروى أبو نعيم في الحلية أيضاً عن أبي سليمان الداراني قال : سألت بعض المشايخ عن اسم الله الأعظم قال : تعرف قلبك قلت : نعم قال : فإذا رأيته قد أقبل ورقَّ فسل الله حاجتك فذاك الاسم الأعظم .
ألا ترى أن رقة القلب هي المعول عليها وأن الدعاء بأسمائه مشروطة برقة القلب حتى يسمى بالاسم الأعظم.
وأخرج أيضاً عن ابن الربيع السائح أن رجلاً قال له: علمني الاسم الأعظم قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أطع الله يطعك كل شيء.فمن هذا يتبين أن الاسم الأعظم حالة ذوقية وجدانية يتحقق بها المريد بعد طول جهاد ومصابرة بحيث يصير الحق سبحانه مشهوداً في كل الأنفاس فأنى نظر فثم وجه الله وهذا هو ما يسمى عند أهل الله بمقام الفناء وهو المنصوص عليه في الحديث الذي رواه مسلم عن سيدنا عمر وفيه : ثم سأل عن الإحسان ، قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
يروى عن سيدنا أبي الحسن الشاذلي أنه جاء إلى شيخه عبد السلام بن مشيش وفي ذهنه أن يسأله عن اسم الله الأعظم وكان في حجر سيدي عبد السلام بن مشيش غلام فقام إلى أبي الحسن وقال : تريد أن تسأل الشيخ عن الاسم الأعظم ؟ هو أن تصير أنت الاسم الأعظم .
غير أن هذا المقام لا ينال إلا بذكر اللسان أولاً ثم الجنان ثم الشهود والعيان.
فلا بد إذن من اسم من أسماء الله تعالى يكثر المريد من ترديده وذكره حتى تنكشف له الحجب ويذوق لذة القرب ولقد رأى كثير من أهل العلم أن الاسم الذي ينقلك إلى التحقق باسم الله الأعظم هو لفظ الجلالة ( الله ) ومنهم سادتنا في الطريقة الشاذلية فلقد عرف عندهم الذكر باسم الجلالة ( الله ) مع مد الصوت ( الله ) حتى ينقطع النفس ويسمى بالورد الخاص يؤذن به المريد بعد إدخاله الخلوة ليبقى على صلة بهذا الاسم صباحاً ومساءً وفي أوقات الفراغ .
الدليل على جواز الذكر باسم ( الله ) :
قال الله تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)-الإنسان 25- ويقول : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا)-المزمل8- والاسم الجامع العام الأشهر هو ( الله ) .
قال الله تعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)-الأعراف180- والدعاء ذكر والذكر دعاء وكلاهما يشمل ترديد اسمه تعالى مفرداً ومجرداً ومنها اسم الجلالة(الله)
قال الله تعالى : (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ )-الاسراء110- أي : أي اذكره تعالى باسمه ( الله ) أو اسمه ( الرحمن ) .
قال تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)-الأعلى1- أي قدس اسم ربك عن النقص في الزمان والمكان والإمكان وإسم ربك هو ( الله ) .
قال تعالى: (قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)-الأنعام91- وهذا أمر صريح بذكر اسم الجلالة ( الله ).
في صحيح مسلم: ( لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول: الله الله ) أي ذكراً ومعرفة ولو لم يكن في هذا الباب إلا هذا الدليل لكفى.
هذا ولفظ الجلالة هو الاسم المفرد غير المشتق وهو لا يثنّى ولا يجمع ولا يسمى به غير الله وهو يوصف كل الأسماء الحسنى ولا يكون وصفاً لها وعدد مرات وروده في القرآن لا يضاهيها اسم سواه.وهو اسم تام من ذاته فأي حرف أسقطته من بنائه بقي منه ما يدل على الألوهية أو يشير إليها.
كذلك هو الاسم الأوحد الذي يدل على الذات بالذات وبقية الأسماء دلالات على المعاني والصفات وكلها تصلح للخلق إلا اسمه تعالى ( الله ) فهو العلم الأقدس على الألوهية لا سواها .
الشق الثاني من السؤال: ما معنى تلقين الاسم الأعظم ؟.
الجواب: لئن كان الاسم الأعظم هو إفراغ القلب لوحدانيته وذكره في كل الأنفاس حتى يتحقق بالإحسان فأينما تولى فثم وجه الله يشهده فالتلقين هو وضع المريد في هذا المقام وهذا لا يكون إلا لمن سبقت له من الله الخصوصية.
أخرج مسلم عن سيدنا أُبي بن كعب قال : كنت في المسجد فدخل رجل فصلّى فقرأ قراءة أنكرتها عليه ، ثم دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه فلمّا قضيا الصلاة دخلنا جميعاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه فدخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ فحسَّن النبي شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية فلما رأى رسول الله ما غشيني ضرب في صدري ففضت عرقاً وكأني أنظر إلى الله عز وجل فرقاً ).
ولنقف على موضع الشاهد من الحديث (وكأني أنظر إلى الله عز وجل فرقاً ) هذا هو ما يسمى عند الصوفية بمقام الشهود وهو نفسه مقام الإحسان ، وانظر إلى اللفظين المتقاربين فهناك ( كأنك تراه ) وهنا ( كأني أنظر )فهو ليس رؤية وليس نظر فجَلَّ الله عز وجل عن الإحاطة والإدراك ولكنه مثلهما يعجز العقل والفكر عن وصفه فلا يجد اللسان لذلك إلا تشبيهه بالرؤية والنظر
وفي هذا الحديث دليل على تلقين النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي بن كعب الاسم الأعظم حتى زجه في النور فلا يرى ما سواه إذ لا غير مع وجوده.
وعلى هذا الحال تحققاً وتحقيقاً رجال ورثوا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرج الإمام أحمد في مسنده: ( العلماء ورثة الأنبياء ) فحال الأنبياء وقالهم موروث الأول لمن سمّوا بالصوفية والثاني لمن سُمُّوا بالفقهاء.
قال سيدي ابن عطاء الله السكندري في وصف الشيخ :
( شيخك هو الذي ما زال يجلوا مرآة قلبك حتى تجلت فيها أنوار ربك، أنهضك إلى الله فنهضت إليه وسار بك حتى وصلت إليه وما زال غازياً لك حتى ألقاك بين يديه فزجَّ بك في نور الحضرة وقال: ها أنت وربك ).
والشيخ بخصوصيته يضع المريدين في مقام الاسم الأعظم كلٌ على قدر همته فمنهم بنظرة ومنهم بأنفاس معدودة وغالباً ما يكون ذلك بإدخالهم الخلوة وهي:
انعزال في مسجد أو غيره من أجل ذكر لفظ الجلالة ( الله ) مع مد الصوت حتى ينقطع النفس.
يبدأ المريد بتشخيص حروف الاسم الذي وضع أمامه وقد كتب باللون الأبيض.
إذا ما تشخص الاسم ارتحلت الغفلة وعرج المريد بروحه في ملكوت السموات حتى العرش والكرسي والأقلام .
ثم يدخل مقام الجبروت ويذوق طعم المعرفة بالله .
وبعد ذلك يعود إلى مقام البقاء بعد الفناء ليكون مع الناس بجسده ومع الخالق بقلبه.
يؤمر بعد الخلوة بالمحافظة على ذكر الاسم ( الله ) صباحاً ومساءً حتى يبقى على صلة بالله سبحانه وتعالى .
وعندها يعيش في مقام الملك المحمدي ويؤمر بالتمسك الكامل بالشريعة المحمدية إذ عنوان الطريق حسن الإتباع لسيد الكائنات سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم.