المحسن كتب:فن الإسترخاء
بقلم المعلمة أناندا ميترا
راقبوا طفلاً نائماً على سرير.إنه يلقي بثقله بشكل كامل على السرير بدون أي توتر عضلي
إن البدو في كل أنحاء آسيا يسافرون ليلاً و نهاراً ثم يصلون إلى واحة أو مكان للتخييم و في الحال يلقون بأنفسهم على الأرض و يمددون أطرافهم من الرأس إلى القدم كأنهم موتى.ساعة واحدة من مثل هذه الإستراحة تنعشهم بطاقة و حيوية جديدة تعادل ليلة من النوم عند الشخص العادي.هؤلاء المتجوّلين قادرون و بشكل مدهش على القيام برحلات طويلة و بكميات قليلة من الراحة
إن الأطفال و ما ندعوهم بالناس البدائيين لم ينسوا بعد فن الإسترخاء و القدرة على الإرتياح بشكل كامل بشكل إرادي.مارس اليوغيون هذا الفن منذ أمد بعيد.بدأوا إختباراتهم على هذه الحالة بمراقبة الحيوانات في حالة الإسترخاء العميق أثناء النوم خصوصاً في حالة السبات
حتى خلال بضعة دقائق من الإسترخاء العميق,يحدث هبوط سريع في ظغط الدم و معدل النبض,و يخف الإجهاد على القلب,و تنتعش المراكز العصبية التي تعرضت إلى ضغط زائد,و ينزل مستوى التوتر العضلي إلى ما دون المستوى الأساسي.ذلك لأنه خلال الإسترخاء العميق تُستهلك كمية قليلة جداً فقط من الطاقة الحيوية.الكمية المتبقية من الطاقة التي تُنتج يإسمرار من قبل خلايا الجسم يمكن أن تُحفظ و تُخزن لإستخدامها في المستقبل
لا يحتاج ممارسوا اليوغا للذهاب في إجازة من أجل الإسترخاء.يمكنهم أن يبقوا جالسين في غرفة تُطل على زحمة المرور في عاصمة تضج بالحركة,و يستطيعون أن ينقلوا أنفسهم إلى حالة بحيث لا يسمعون أية أصوات و يصلون إلى حالة الإسترخاء و التحكم بالنفس بسرعة و هم جالسين على كرسي كما لو أنهم كانوا في وادي أخضر في سويسرا.إذا ترجمنا ما نقول إلى لغة الطب,فإن هذه القدرة على التوقيف الإرادي للأعضاء الحسية الحركية,يمكن الوصول إليها بشكل واعي و تدريجي من خلال عكس تيار النشاط الحيوي,فبدلاً أن يكون من الداخل إلى الخارج يصبح من الخارج إلى الداخل
نعطي مثالاً آخر مأخوذ من الكهرباء.يستطيع ممارسوا اليوغا,و بشكل إرادي أن يضعوا أنفسهم مكان الشخص الذي يشغّل الهاتف أو الراديو و يريد أن يرتاح فيفصل أجهزته.إن الذبذبات ما تزال تصل الأجهزة و لكن الأجهزة غير قادرة على تحسّسها,و بذلك فهي لا تزعج من يشغلّها.و هكذا و هم يستلقون في حالة من السلام الواعي التّام,يستطيع ممارسوا اليوغا و من خلال التنفس أن يربطوا أنفسهم بالطاقة الحيوية (برانا).هم الآن مثل البطاريات الموصولة بمصدر للطاقة الكهربائية,بينما الإنسان العادي مثل البطارية التي تعمل بإستمرار و .هي غير قادرة على شحن نفسها من جديد
توازن في العمل
عندما ينتقل هذا الإسترخاء العميق إلى حالة النشاط,فإن الإستجابات العضلية تكون أسرع للتنبيهات العصبية و كل مهمة يمكن أن تنجز بكفاءة أكبر و بمجهود أقل
تربض القطة أمام جحر الفأر بشكل رشيق و بلا حراك.إنها تُظهر قوّةً و حيويةً هائلة وقت الرقود.عند الإنتظار لا تُجهد آلية العمل,و لكنها تكون مستعدة,وعندما تندفع للإمام فإن الفعل يتفجر من السكون كأنه بريق من الضوء.
كل عبقري,عن وعي أو غير وعي.يقوم بالإسترخاء أثناء عملية الإبداع,و لذلك فهو ذو كفاءة عالية في فنّه .قارنوا هذه الرشاقة المتوازنة مع حركات الناس أصحاب الأعمال السريعة في أيامنا الحاضرة, الذين بحركاتهم المُبالغة العبثية,يقلقون و يدخنون و ينهكون أنفسهم قبل أن تأتي ساعة العمل
من خلال الممارسة المنتظمة للإسترخاء العميق, طوّر ممارسوا اليوغا قدرتهم على إبقاء عقولهم و أجسادهم في حالة من التوازن الكامل في كافة الأحوال.يُعتبر تعلُّم كيفية الإسترخاء و الحفاظ على الرشاقة و الضغط من أكثر القدرات أهميةً في الحياة الإنسانية, في عصر التغيّر السريع ,حيث يُعتبر ضغط الدم العالي و أمراض القلب القتلة الأوائل .في المجتمعات التقنية
وضعية الجثّة
يمكن القيام بوضعية الجثة أو (شافاسانا)بأي وقت,حتى عندما تكون معظم الوضعيات اليوغية الأخرى ممنوعة خلال فترة المرض مثلاً أو أثناء الدورة الشهرية أو الحمل,في هذه الوضعية يبقى الجسد تماماً بلا حراك و يصبح في حالة إعادة شحن بالطاقة الحيوية (برانا) وينسحب إنتباه العقل تدريجياً من الجسد و المحيط الخارجي و يستغرق في حالة من الهدوء الداخلي العميق,و كلا الجسد و العقل يحصلان على راحة و غبطة تامة
من أجل الإستفادة التامة من ممارسة الوضعيات اليوغية (أساناز),يجب أن نؤدي وضعية الجثة من عشرة ثوانٍ إلى دقيقة واحدة بين كل تمرينين.إن الراحة المناسبة في وضعية الجثة تُهديء الجسد بشكل تام و تمنع الإجهاد الزائد للعضلات و التنبيه الزائد لأنظمة الغدد و الدورة الدموية و التنفس.يجب أن نرتاح على الأقل حتى تهدأ ضربات القلب و التنفس.يجب أن تتبع الوضعيات اليوغية و التدليك وضعية الإسترخاء العميق لمدة ثلاثة دقائق على الأقل.الأشخاص الذين يعانون من ضغط الدم المرتفع يجب أن يقوموا بالإسترخاء العميق يومياً من خمسة إلى عشرة دقائق,لأن ذلك يُعتبر أحد أفضل العلاجات لضغط الدم المرتفع
للقيام بوضعية الجثة.إستلقي على الظهر,ضع عليك غطاءً إذا كنت تشعر بالبرد.مد الذراعين و باعد الرجلين قليلاً,وجّه راحتي اليدين إلى العلى و اترك الأصابع تنثني للداخل بشكل طبيعي.إغمض العينين و لا تحرّك أية عضلة من عضلات الجسم,و لا حتى مقلة العين.إبقَ ساكناً كما لو كنت ميتاً.دع عقلك يغوص مع تيار النَفَس في حالة من السلام المنعش .
إرخِ القدمين و أصابع القدمين و باطن الساقين و الركبتين و الأفخاذ,إشعر أن كلا الرجلين مسترخيتان تماماً و لايوجد أي توتر أو ضغط في أي مكان.الآن إرخِ كل أعضاءك الداخلية,جهاز الهضم,الرئتين,القلب,الظهر و العمود الفقري.الآن إشعر أن أصابعك تسترخي.إرخي الأصابع و اليدين و المعاصم و السواعد و الأكواع و العضدين و الأكتاف و الرقبة.يجب أن تشعر الآن أن كامل جسدك من الرقبة إلى الأسفل مسترخي تماماً و لايوجد أي توتر في أي مكان
إشعر كأن تيار الإسترخاء يتحرك إلى الأعلى بإتجاه الوجه ليرخي الخدود و الفم و الشفتين و الأذنين و الأنف و العينين,إشعر أن كل التوتر حول العينين يذوب بالكامل و الجبهة و الرأس يسترخيان تماماً.حاول أن تشعر بدماغك داخل جمجمتك.دماغك أيضاً مسترخي كلياً.الآن كل جسدك ,من رأس أصابع القدمين حتى قمّة الرأس مسترخي بشكل كامل.أنت تشعر أنك خفيف مثل الريشة و مرتاح جداً
و الآن إنتبه إلى تنفسك.تنفس ببطء و عمق من منطقة الحجاب الحاجز.بينما تأخذ الشهيق ,تخيّل أنك تستنشق الطاقة الكونية إلى كل خلية من خلايا جسدك ,عقلك و جسدك يصبحان مشحونين من جديد.حاول أن تشعر بالطاقة الآتية من الكون تتدفق من خلالك جارفةً معها كل التوتر و السلبية,تطهرك من الداخل و الخارج.إشعر بنفسك ممتليء لدرجة الطوفان مع هذه الطاقة المُطهرة لتشع من كل مسامات جسدك تملأ كل كيانك بالحب و الفرح
إبقى في هذه الوضعية بقدر ما ترغب.بعد ذلك سوف تشعر أنك منتعش تماماً بالجسد و العقل و الروح
ماشاء الله عليك مديرنا المحترم
شرح رائع وقمت بتجربتها لاول مرة
فعلا ارتحت راحة غير شكل
وتجددت عندي الطاقة
احساس جميل
واكيد سوف اكررها دائما
دمت بحفظ الرحمن